الأحد، 2 أكتوبر 2011

نظرة على بعض مشكلات التعليم المعاصر فى مصر

       نظرة على بعض مشكلات التعليم المعاصر فى مصر

       تعتبر مشكلة التعليم المعاصر فى مصر هى المشكلة الاساسية الأحق بالدراسة ، والأجدر بالحل ، والاولى بالبحث والدراسة وبمحاولة إيجاد الحلول الشجاعة والفورية ، لأن كل تأخير أو تأجيل يعنى تكريس التخلف الأقتصادى والإجتماعى والثقافى لهذا المجتمع ، ويعمل على توسيع الفجوة الحضارية والمعرفية والتكنولوجية والمعلوماتية التى لايمكن انكارها ، ويؤدى فى النهاية الى الخروج من سياق حركة التاريخ المعاصر، حيث تزداد الفروق وتتسع المسافات بين الامم المتقدمة والاخذة فى النمو والتقدم وتلك المتقاعسة وغير القادرة عن اللحاق بقاطرة التنمية والتقدم والتحديث ، والذى اساسة العلم والتقدم العلمى والالمام بنظرياته وحقائقة وتبنيها والدفاع عنها ، من خلال عمليات التأهيل العلمى و الاعداد التربوى الجيد للقوى البشرية من الشباب القادر فى المستقبل على هضم هذه المنجزات واستيعابها والتكيف معها وتحقيق التفاعل البناء مع معطياتها ونتائجها.

       وبعيداُ عن العبارات المنمقة والإستخدامات البلاغية غير المعبرة عن مضمون حقيقى ، لأن المشكلة اكبر من كل ذلك ، فإن الدخول فى صلب الموضوع هو الأولى بألإهتمام ، ولنبدأ بتعريف وتحديد المشكلة التعليمية ، والتى هى عدم قدرة النظام التعليمى الحالى على تحقيق اهداف المجتمع المصرى فى خلق جيل جديد قادرعلى استيعاب وفهم وادراك وتبنى مستجدات العصر فى النواحى العلمية والتكنولوجية والثقافية والاقتصادية ، والتفاعل البناء معها لتطوير ، وتحديث الابنية الاجتماعية المحلية وتعديل وظائفها وتنمية ادوارها ، مع ايمانة العميق بالقيم الدينية والاخلاقية والثقافية لمجتمعة المصرى والعربى ، وتحقيق التقدم الاقتصادى والتقنى وبما يواكب الثقافة العلمية للعصر ، فالمشكلة التعليمية بداية هى مشكلة اجتماعية لأنها تمس جميع افراد المجتمع بلا إستثناء ، اطرافها الاسرة من خلال جميع افرادها ومايمثلة الوعى الجمعى لهذه الاسر كثقافة ونمط حياة ، والحكومة ممثلة فى وزارة التربية والتعليم المسئول الرئيسى المباشر والوحيد عن العملية التعليمية قبل المرحلة الجامعية ، والفكر التربوى المطلق بعيداٌ عن العاملين فيه والمشتغلين به والمرتزقين من خلالة حيث ان اتجاهات هؤلاء وميولهم تختلف كثيرا عما تخصصوا فيه واتقنوه واجادوه كمهنه ، والعاملون فى الحقل التعليمى من معلمين وإدارة مدرسية وتربوية وتوجيهات فنية وتربوية واجهزة معاونة ، ورأىعام واعلام جماهيرى ضاغط ومؤثر على متخذ القرار التربوى بغير رشد اوموضوعية فى كثير من الاحيان.

       والاهم من كل ذلك وهو غياب مفهوم عام ومحدد للتعليم واهدافه ومشكلاته ، وتعد مشكلة غياب مفهوم عام ومحدد هى لب الموضوع حيث ينظر كل طرف من اطراف المشكلة لهذا المفهوم من الزاوية التى يركز عليها اهتمامه وتحقق صالحة ، فالاسرة ترى ان التعليم وعملياته وامتحاناته وعناصرة هى حصول الابناء على الشهادات واعلى الدرجات بأى صورة من الصور ، ولذلك فأغلب الاسر يتعاملون مع الدروس الخصوصية من هذا المنطلق ، مع العلم ان الدروس الخصوصية فى حد ذاتها هى العدوالرئيسى والمباشر لجميع القيم والمعايير والاهداف التربوية ، التى هى اساس العملية التعليمية ، كما لاتهتم غالبية الاسر المصرية بالمستوى التعليمى الحقيقى للابناء ، وغالبية الاسر تفضل الحاق ابنائها بكليات القمة والتى لاتتفق انماط الدراسة فيها فى كثير من الاوقات مع ميول وإتجاهات وقدرات هؤلاء الابناء بل ومع المستويات التعليمية الحقيقية لهم والتى تم اختزالها فى الدروس الخصوصية ، ومهارة الاجابة على الامتحانات الصورية والتى لاتعبر بأى حال عن المستوى الحقيقى للتحصيل التعليمى ، او التعلم الذى هو تعديل ايجابى مرغوب فى سلوك الدارس نتيجة مرورة بخبرات ومواقف تعليمية بحيث تصبح هذه الخبرات والمواقف جزءاُ من سلوكة اليومى .

        فى الوقت الذى يعد فيه العمل التعليمى رسالة اخلاقية وانسانية فإن كثيراُ من المعلمين ينظرون غالباُ لمهنة التعليم على انها مصدر للدخل ، وطالما ان المرتبات والدخول الرسمية لاتتساوى مع مستويات المعيشة الحالية ولاتحقق المتطلبات الضرورية للحياة وتربية الابناء ، ولا تكفل لهم الحد الأدنى من المعيشة الكريمة ، فلابد لهم من البحث عن مصادر بديلة للتعليم الرسمى داخل الفصول الدراسية ، وهو مايجعل الكثيرين منهم يلجأون الى الدروس الخصوصية ، حتى ولو تم ذلك بالفرض والإجبار واستخدام القسوة ، وذلك فى جميع صفوف ومراحل ونوعيات التعليم بلا إستثناء رغم علمهم بتجريمها وعدم جدواها من النواحى النفسية والتربوية .

        ووزارة التربية والتعليم المسئولة الوحيدة عن التعليم رسمياٌ ودستورياٌ ، فهى الأخرى تعمل على إرضاء جميع الاطراف على حساب العمليات التعليمية والتربوية ، فهدف الوزارة هو تحقيق اهداف السياسة الرسمية فى مجال التعليم باقل قدر من الخسائر دون الاصطدام مع الرأى العام أووسائل الاعلام ، فى غياب سياسة تعليمية حقيقية وواقعية ، فالسياسة التعليمية هى مجموع الخطط والبرامج والمشروعات التربوية الاصلاحية والانشائية ذات الاهداف المحددة والمطلوب تنفيذها فى مدى زمنى معين بعد حصر دقيق وواقعى للمشكلات القائمة فعلاُ واماكن تركزها وتحديد درجة اولوياتها وفق الاهية النسبية لكل منها ، والتعرف على الطاقات والامكانات الحقيقية والمتاحة والتى يمكن الاستعانة بها ، ورصد مايكفى من الموارد المالية والبشرية المؤهلة وغير البشرية ( الات ومعدات وتجهيزات وافكار ومبانى ووسائل وطرائق ومناهج ...الخ ) وتوفير واعداد وإعتماد التشريعات الكفيلة بضمان تحقيقها ، ويجب ان يتم ذلك فى ضوء اهداف واضحة وثابتة ومتفق عليها تواكب الحاجات الحقيقية للمجتمع وتطلعاته ، ومن المعلوم ان الاهداف ليست شعارات ترفع ولكن الاهداف الحقيقية هى الغايات المحددة كمياُ وكيفياُ وهى النهايات التى تتجه اليها جهودنا المنظمة ونسعى للوصول اليها وتحقيقها ، والحقيقة ان الاهداف الاساسية والعامة للعملية التعليمية والتربوية على سبيل المثال قننت الدروس الخصوصية فى صورة المجموعات الدراسية بأنواعها غائبة تماماُ لدى الجميع ، وإن ادعى كثير من المسئولون غير ذلك لتبرير الفشل المتكرر، فالوزارة وبل وتشددت فى متابعتها ومحاسبة المقصرين عن تنفيذها حساباُ عسيراُ ، رغم علم وادراك وإتفاق الجميع على انها صورة قبيحة من صور الاخلال بالمبادىء التعليمية و التربوية ، لان الفصل الدراسى الرسمى اثناء اليوم المدرسى لجميع الدارسين ( سواء كان قاعة دراسية اومعمل اومرسم اوورشة او ملعب او مزرعة...الخ ) هو المجال الشرعى والطبيعى الوحيد للتعليم والتعلم والذى يتم من خلاله اكتساب المعارف والمعلومات والقيم والاتجاهات التربوية الصحيحة ، والتفاعل الايجابى مع كافة المواقف التعليمية ، كما ان الامتحانات التحريرية العامة التى تعقدها الوزارة تراعى فى وضعها عدم إغضاب او إثارة الرأى العام ووسائل الاعلام ، بتوحيد نمط الاسئلة وجعلها فى اطار توقع الطلاب ومعلميهم الخصوصيين على ان تكون فقط من الكتاب المدرسى المقرر ، رغم ان التقويم التعليمى عملية تربوية وفنية فى المقام الاول ولادخل ولادور للرأى العام ولا لوسائل الاعلام فيها ، بل والاكثر من ذلك محاسبة كل من يحاول تطبيق القواعد العلمية للتقويم التربوى بالنقل والخصم والحرمان من وضع الامتحانات مستقبلاُ فضلاُ عن التشهير ، وما يتم تطبيقه على الامتحانات العامة تصدر التعليمات بتطبيقها على جميع الامتحانات سواء للنقل او حتى الامتحانات الفترية ، مع اهال متعمد وإستبعاد لطرائق التقويم التربوى الاخرى والتى قد يكون بعضها افضل فى كثير من الحالات والاوضاع والمراحل وفق الاهداف التربوية وطرائق التدريس المتبعة.

       ثم نأتى للرأى العام ، ووسائل الاعلام من صحافة واذاعة وتليفزيون والتى اصبحت هى الموجه والمنظم والحاكم والمقيم للعملية التعليمية و التربوية دون ادراك كافي أواتجاه إيجابى محدد ومعروف ، بل مع نقص وغياب المعرفة الضرورية بالاسس والقواعد والفلسفات والمناهج والطرائق التربوية ، وهذا الدور غير الموضوعى بالمرة يجب على الجميع ترشيدة وتحييدة الا فى حالة الانحراف والاضرار المتعمد والخروج على مقتضيات القيم الاجتماعية والنظام العام أوالاخلال بالقيم والمعايير التربوية ، اما ان يكون هذا الدور معوقاُ وضاغطاُ على صانع ومتخذ القرار التربوى فهو امرغير مطلوب بالمرة ، بالشكل الذى يمارس به ، والدور المأمول لاجهزة الاعلام هو المشاركة الفعالة فى تأكيد وتثبيت القيم والمعايير التربوية الصحيحة والملائمة للثقافة التطورية والمناسبة للواقع المعاش والدفاع وكشف وفضح الممارسات المعوقة وغير التربوية فى اطار من الالتزام العام ، ولكن للاسف هذا واحد من اهم المشكلات التى يواجهها التعليم العصرى فى مصر وهو سيادة وغلبة الصوت المرتفع ، رغم ان قضية التعليم هى قضية الامن القومى وتأكيد ودعم الهوية الوطنية .

       فالمشكلة الحقيقية للتعليم فى مصر هى تخلف وعدم مناسبة وكفاية مناهج وطرائق ووسائل التعليم ومحتوياته مع اتجاهات ومعطيات ومعارف وفلسفات العصر ، وسلبية اتجاهات وتخلف افكار وفلسفات ومعارف العاملين فى الحقل التربوى ، وعلى رأس هؤلاء اغلب القيادات التربوية على جميع المستويات وفى غالبية المواقع ، حيث ان اكثر من 75% منهم غير تربويين ، بل وغير متصلين بافكار وفلسفات التعليم العام (رياض اطفال و ابتدائى واعدادى وثانوى عام ) علماُ بـأن هذه القيادات هى التى تقود وتوجه وتنفذ وتتابع وتقيم عمليات ما يطلق عليه التطوير ، بل وتضع معاييرها الذاتية وافكارها الشخصية موضع المعايير العلمية والعملية فى المجالات التربوية ، فى غياب وجود اية الية عملية تضمن وجود متخصصين مستقلين عن السيطرة البيروقراطية لهؤلاء القياديين وبما يضمن ايجابية التطوير، اذا خلصت النوايا من المظهرية والدعائية والفرقعات الاعلانية .

       بعض اهم المشكلات التعليمية المعاصرة فى المجتمع المصرى

       * غياب الاهداف التعليمية الحقيقية

        غياب الاهداف التعليمية الحقيقية على جميع المستويات والمراحل ، وعلى الأخص فيما يتعلق بغياب فلسفة اجتماعية تربوية ثابتة ومعبرة عن توجهات المجتمع المصرى الاقتصادية والثقافية والدينية والسياسية وتطلعاته والتى تحقق اهداف المجتمع ، وتبنى على اساسها البرامج والخطط والمناهج التعليمية لجميع المراحل فى إطار من التنسيق والتكامل ، بمعنى ماذا يريد المجتمع من النظام التعليمى ومنظماته المختلفة ؟ وماهى النتائج والغايات التى يريد المجتمع ان يحققها النظام التعليمى ؟ فلايكفى ابداُ صياغة مجموعة من الشعارات البراقة كتلك التى تمت صياغتها فى الجزء الثانى من المعايير القومية ممثلة فى المنهج والذى لم تكن له اهداف حقيقية يمكن قياسها كمياُ أونوعياُ ، حتى تصبح قابلة للتقييم وتحديد درجات التقدم الناتج من تنفيذها ، ففى المرحلة الابتدائية على سبيل المثال يجب ان تتدرج الاهداف فى مستوياتها الىان تصل الى تحديد ما هو بالضبط المطلوب منها ؟ وتكون الاجابه كهدف متمثلة فى ماهو المطلوب تحقيقه للدارس فى هذه المرحلة ؟ كأن نقول خلق واعداد المواطن الصالح الحر والسليم نفسياُ وجسديا و المؤمن بوطنة ودينة وقيمة الاجتماعية والاخلاقية المتفق عليها و المقبولة من المجتمع ، والمنتمى لثقافته ، والقادر على التكيف والتعامل مع المجتمع المحلى والقومى ، والقادر على الاسهام بإيجابية فى بناء هذا المجتمع والدفاع عنه ، والتفاعل مع ابنيتة ومنظماتة المختلفة ؟ وما هو المنهج الدراسى الصالح لتحقيق هذا الهدف ؟ ثم ننتقل الى التحديد الاجرائى للمحتويات والانشطة والعمليات التعليمية التى يتم من خلالها تحقيق هذا الهدف ، وماهى الفترة الزمنية اللازمة لتحقيقة ؟ وما هى الالية التى تضمن تفاعل جميع المقررات التعليمية وتكاملها وإتساقها لتحقيق ذلك ؟ وماهى الادوار المطلوب القيام بها ؟ و التى توزع على العاملين فى الحقل التربوى من معلمين وموجهين واجهزة مساعدة وادارة مدرسية ، وكيف يمكن قياس وتقييم نتيجة هذا الهدف ؟ من خلال معايير موضوعية وادلة ومؤشرات قابلة للملاحظة والقياس ، من قبل عناصر مؤهلة ومدربة ومؤمنة بدورها التربوى والمهنى ، ومن المعلوم ان الاهداف التربوية لها مستويات تتدرج وفق اهميتها وشمولها ومستواها من الاهداف الاساسية Fundamentalوالاهداف العامة General الىالاهداف الاجرائية او الخاصة Specific ، سواء بالنسبة للسياسة العامة للدولة او على مستوى المرحلة التعليمية او المقرر او الوحدة الدراسية او مستوى الدرس والحصة .

       * غياب المنهج الدراسى Curriculum

       غياب المنهج المدرسى Curriculum بمفهومه العلمى والذى هوعبارة عن جماع الخبرات التربوية المباشرة وغير المباشرة ، والمراد امرار الدارس بها داخل او خارج الفصول الدراسية او المدرسة، وبما يعمل على بناء شخصيات الافراد ونموهم وتطورهم الشامل والايجابى فى جميع جوانب شخصياتهم بما يؤدى الى تعديل سلوكهم وتحقيق الاهداف التربوية للمجتمع ككل ، وفق فلسفة تربوية واضحة ومحددة ، وغنى عن البيان ان الغالبية يتعاملون مع المنهج على انه المحتوى الدراسى ، وهو خطأ كبير ، حيث ان المحتوى الدراسى Syllabus هو واحد من مكونات المنهج ، بينما المنهج اكبر واعم واشمل من ذلك بكثير، والمنهج بمعناة التربوى غير مرتبط بمادة دراسية واحدة ، اومقرردراسى واحد ، ولكن مجموعة المواد الدراسية المقررة على مرحلة دراسية معينة يشملها ويعمها منهج واحد بكل مايتضمنه من اهداف علىجميع المستويات وطرائق تدريس ووسائل ووسائط تعليمية وكتب وتجهيزات ومحتويات دراسية ( مقررات ) واطار زمنى لازم لتحقيق هذه الاهداف ، وانشطة تربوية صفية ولاصفية ، وعناصر تربوية مدربة ومؤهلة لتنفيذة ، وطرائق ووسائل تقويم تربوى صادقة Valid وصالحةReliable للقياس ، واساسيات وطرائق واستراتيجيات توجيه فنى وتربوى ، مع مايتضمنه ذلك من العمل على توحيد وتكامل وشمول الاهداف المعرفية والوجدانية والمهارية لكافة المقررات التعليمية ، وبما يعمل على تحقيق جميع اهداف المنهج التربوى المعتمد فى اطار من الموضوعية وتحديد الاهداف العامة والخاصة للمجتمع بشكل عام والمجتمع التربوى بشكل خاص.

       * عشوائية القرارات الادارية

       تعد عشوائية القرارات الادارية المتصلة بالعملية التعليمية والتربوية وعدم خضوعها لفكر تربوى رشيد ، فضلاُ عن عدم خضوعها لرقابة تربوية من اى نوع ، اكبر المشاكل التعليمية ، غير ماتسببه من مشكلات اكبر ، وعند رصد اهم هذه القرارات خلال العشر سنوات الاخيرة ، يتضح بوضوح عدم موضوعية الكثير منها ، وعدم دراسة وتقدير الاثار المترتية على تنفيذها سواء على العملية التعليمية والتربوية او على العامليين التربويين ، ومن بين تلك القرارات على سبيل المثال قرار الغاء الفترة الثانية فى اغلب المدارس والادارات التعليمية ، فهذا القرار كلمة حق يراد بها باطل ، فمن المسلم به ان مصر دولة فقيرة فى مواردها الاقتصادية ، وتواجه مشكلة زيادة سكانية رهيبة تلتهم جميع نتائج خطط التنمية الاقتصادية والاجتماعية ، وتمثل العائق الرئيسى للانطلاق والتقدم ، وحتى تستطيع الدولة من الوفاء بالاحتياجات التعليمية الملحة لتلك الاعدادالمتزايدة من السكان ، اضطرت ان تجعل فى المدارس فترة ثانية لإستيعاب تلك الاعداد ، وبما يعمل على تقليل الاعداد و الكثافات داخل الفصول ، حتى يمكن تقديم خدمة تعليمية معقولة ، ورغم ان هذا الوضع ليس هو الوضع المثالى ويجب العمل على علاجه شرط توفر متطلبات هذا العلاج ، اتخذ قرار بإلغاء الفترة الثانية فى اغلب المدارس والادارات ، دون دراسة تربوية كافية ، وكأن الشعار المرفوع كافى تماما للبدء فى التنفيذ وكان القرار مشدداُ على جميع القيادات لسرعة التنفيذ ، ولأن القرار الادارى فى مصر غير قابل للنقاش او الاعتراض مهما كانت الاسباب ، فكان كل من يريد ان يحافظ على موقعة ( مدير عام او مدير مديرية – وكيل وزارة او وكيل اول وزارة - محافظ او رئيس هيئة ) ان ينشط فى التنفيذ باى شكل وباى صورة ، فكانت النتيجة كما يلى :

1 - قامت الهيئة العامة للابنية التعليمية ببناء المزيد من المبانى التعليمية على افنية وملاعب المدارس القائمة نظراُ لعدم توافر اراضى فضاء فى المدن والقرى ، مما ادى الى اختفاء اغلب الملاعب الرياضية والافنية التى هى المتنفس الحيوى والضرورى للاطفال فى سن الدراسة ، فضلا عن تخصيص عدد من حجرات الدراسة للحاسب الالى والتطور التكنولوجى .

2- قامت الادارات التعليمية بتوزيع تلاميذ الفترات المسائية على المدارس الاخرى ، مما ادى الى مزيد من التكدس والازدحام فى الفصول فى ظل غياب ونقص التجهيزات الضرورية من مقاعد وتخوت سليمة و مناسبة ، مع محدودية السعة الاستيعابية للفصول ، واصبح التلاميذ يعيشون ويمكثون وقت اطول فى المدارس نظراُ لتطبيق نظام اليوم الكامل ، مع عدم وجود فراغات او ملاعب او افنية يمارس فيها هؤلاء الاطفال انشطتهم الحيوية والطبيعية والتى تتفق مع خصائصهم الجسدية ومراحل نموهم العقلى والجسمى .

3- اصبحت المدارس من الوجهه التربوية سجون للاطفال واماكن غير محببة لهم حيث لايجدون متسعاُ لحركاتهم ولامجالاُ لانشطتهم ، وبالتالى فانهم يعانون من سياسات القمع والقهر الذى تمارسة عليهم المدارس بدعوى الانضباط وعدم الفوضى ، فى الوقت الذى يحتاج فيه هؤلاء الاطفال الى ملاعب وافنية ، يمارسون فيها الالعاب والانشطة التى تتناسب وتتفق مع مراحل نموهم الجسدى والنفسى ، ومايستتبعة ذلك من غلبة النشاط وكثرة الحركة ، ومايتطلبه ذلك من اتاحة الفرصة لهؤلاء لكى ينموا بطريقة سليمة وصحية ، فأصبحت العملية التعليمية لهؤلاء الاطفال هىعملية عذاب نفسى وجسدى و قمع وقهر ، فهل سيصبح الطفل بعد مرحلة الدراسة هذه مواطناُ صالحاُ سليماُ من الناحية الجسدية والنفسية ؟ وهل الافضل فى مثل هذه الظروف الغاء الفترة الثانية رغم الاعتراف بمضارها ام توفير الافنية والملاعب ولو على حساب الوقت الذى يمكثه الطفل فى المدرسة الى حين تدبير الموارد اللازمة للوصول الىالوضع الامثل من جميع نواحية التربوية والنفسية ؟ علماُ بان نتائج البحوث العلمية فى مجال الصحة النفسية والسلوك الانحرافى والعدوانى لدى الاطفال واليافعين اثبتت ان الزحام والبقاء فى الاماكن الضيقة لفترات طويلة ، والقمع الذى يؤدى الى كبت المشاعر الطبيعية ،هى اهم اسباب السلوك العدائى والانحرافى ، وان اتاحة الفرصة للاطفال واليافعين للتعبير عن انفسهم بحرية وثقة هى اهم اسباب الصحة النفسية .

4- هذا مثل واحد على القرارات العشوائية التى التى لم تدرس اثارها التربوية والنفسية قبل تطبيقها ، بل وادى التنفيذ التسرع الى اهدار الموارد المالية المحدودة فيما لاجدوى حقيقية منه كتلك الابنية التى التهمت المزيد من الملاعب والافنية المدرسية والتىلاغنى لمبنى مدرسى عنها لانها لازمة من لوازمة وضرورة من ضرورياته ، وهناك العديد من تلك القرارات مثل انشاء وتكوين جهاز التفتيش بالوزارة ، ووحدات التدريب بالمدارس ، ومقرر الاخلاق ، ومقرر التكنولوجيا ، وحدات التقويم والقياس بالمدارس ، الامتحانات التحريرية على التوازى فى جميع المراحل والفترات فى وقت واحد ، بحجة توفير الوقت مماتسبب معه تشتيت جهود المعلمين والادارات المدرسية وتحت تأثير ضغوط الوقت تحولت الى عمليات عبثية غير محققة لأهدافها ،والتوسع فى الترقيات الادبية للمعلمين فى مستويات ووظائف ادارية و العمل التربوى الحقيقى فى غير حاجة لها بل وتمثل عبئاُ على العملية التعليمية فضلا عن حرمان الكيان التعليمى من عناصر ذات خبرات تربوية متميزة.

       * غياب مفهوم الادارة التربوية

       لايجب النظر الى الادارة المدرسية والتربوية بمنطق ومنهج الادارة العامة Administration أوادارة المشروعات Management لان الادارة المدرسية فى الحقيقة هى تنظيم من نوع خاص له اهداف محددة وطرائق ووسائل خاصة لتحقيق اهدافه ومراميه ، ومستويات ادارية تتناسب وتتوائم مع اهدافه التى تختلف كليا عن اهداف الادارة الحكومية الساعية لتحقيق الاهداف السياسية والاقتصادية للدولة ممثلة فى الحكومة ، كما تختلف عن ادارة المشروعات حيث تركز هذه الادارة على الجوانب المالية والمحاسبية ، بينما الادارة التربوية تتعامل مع موارد من نوع خاص فىغالبيته ، وهى موارد غير مادية متمثلة فى اكرم وافضل واعظم ما خلق الله سبحانه وتعالى وهو الانسان فى خلقه الفطرى وهم الاطفال ( من عمر اربع سنوات حتى ثمانى عشرة سنة ) الذين هم فى الواقع ، حاضر ومستقبل الامم الحقيقى ، وفلذات اكباد المجتمع الثمينه ، والتى يأمل فيهم اهلوهم كل الخير فى مستقبلهم ، وفق مايتضمنه ذلك من إعلاء وإعمال للمبادىء والقواعد النفسية والصحية والتربوية وفق نتائج احدث البحوث والدراسات العالمية فى هذا المجال ، وكذلك المحتويات العلمية والعملية المهارية للمقررات والمواد الدراسية ، والانشطة التربوية الصفية واللاصفية ، وادارة الفلسفات و المناهج والخطط الدراسية والتربوية ، وعمليات التقويم التربوى المستمرة ، وادارة وتنظيم الفروق الفردية بين التلاميذ وتعظيم استراتيجياتها ، وحل المشكلات النفسية والتعليمية لهم ، وفق قواعد علم نفس النمو وعلم النفس التعليمى ، وادارة القوى البشرية من المعلمين والموجهين التربويين والاجهزة المساعدة والاداريين فى الحقل التربوى ( اى الذين يرتبط عملهم بتحقيق الاهداف التعليمية والتربوية ) ، ثم ادارة الموارد المتخصصة كخامات الدروس العملية والانشطة التربوية والتعليمية والترفيهية والامتحانات والمكتبات المدرسية والتجهيزات الضرورية...الخ ، وهو مايتطلب تأهيل علمى وتربوى خاص وخبرة عملية تربوية ، وتدريب تربوى متخصص ومتجدد فى النواحى التربوية والنفسية والمالية والادارية ، وعلى هذا الاساس فقواعد الادارة العامة واهدافها واستراتيجياتها لاتتناسب فى كل الاحوال مع قواعد واهداف واستراجيات الادرة المدرسية ، ولكن الحادث الان ان المرافق التربوية ( المدارس والتوجيهات الفنية التربوية والادارات التربوية ... الخ) تقاد من منطق غير تربوى ، وكل برامج تدريب القيادات التعليمية هى برامج عامة من اعداد وتجهيز واشراف الجهاز المركزى للتنظيم والادارة ومن خبراء فى الادارة العامة ومتخصصيها ، وهى برامج تصلح لغير الادارة المدرسية فى الاغلب ، لكن المنهج الادارى المتبع والتى يطبق عليها خاضع لقانون عام لايراعى التخصص ولا الطبيعة التربوية والنفسية لهذا القطاع مما يساهم فى ايجاد طبقة من المديرين غير التربويين الذين يتصدون لقيادة هذ ا القطاع من منطق ادارى بحت ، ولاعلاقة له بالمفاهيم والاهداف والقيم والمعايير التربوية ، وهذا واحد من المشكلات الرئيسية التى تعوق التنظيم التربوى عن تحقيق اهدافه والقيام بوظائفه وواجباته ، بل وتعد واحدة من مشكلات التعليم فى مصر ، ويجب فى هذا الصدد التعاون مع كليات التربية لتنظيم دراسات متخصصة فى الادارة المدرسية ، ويكون اجتيازها بنجاح شرط لتولى وظيفة تعليمية قيادية.

        * غياب المفهوم الحقيقى لمصطلح اللامركزية

       والنظر الى هذا المفهوم من وجهة نظر اقليمية تتسم بالتسلط ، وتركيز صنع واتخاذ القرار الادارى المكتبى فى يد المسئول المحلى ، لغياب التوزيع المنطقى للسلطات والمسئوليات ، واحلال المعايير الذاتية ووجهات النظر الخاصة محل المعايير الموضوعية ، بحيث يصبح لكل مسئول رؤيتة الذاتية وقرارة الخاص فى الحكم على الاشياء والمواقف مما جعل من الادارة فى حقل التعليم الى ادارة بيروقراطية غير رشيدة ، حيث انتقلت بعض السلطات والمسئوليات من المستوى المركزى الى مستوى المديريات التعليمية ، والتى بدورها ركزت واستأثرت بتلك الصلاحيات والمسئوليات فى يدها وحدها ، دون ان تفوض ذلك للوحدات ذات العلاقة ، مثل المدارس والتوجيهات الفنية التربوية والادارات المتخصصة ، واصبحت بذلك جميع الصلاحيات والقرارات مركزة فى المستوى القيادى فى المديرية ، مما افرغ المفهوم من مضمونة ومعناه ، واصبح مجرد شعار كبقية الشعارات الطنانة فى حياتنا بشكل عام ، فى الوقت الذى يعد فيه المجتمع التعليمى فى مسيس الحاجة الىتحقيق مزيد من اللامركزية ، لسرعة انجاز الاعمال والتصدى مباشرة للمشاكل الطارئة ومواجهتها ، والتخفيف عن المستويات الادارية الاعلى حتى يمكنها ان تتفرغ لماهو اهم واجدى ، يضاف الى ذلك عدم العدالة فى منح الصلاحيات المطلقة لكل مسئول ادارى ، بحيث ينفرد وحده بسلطات وصلاحيات تكرس الديكتاتورية والتسلط وتقلص وتلغى مفهوم المشاركة والمسئولية الجماعية ، ويصبح المرؤسون مجرد ادوات تنفيذ لتعليمات واوامر هذا المسئول ، مهما كانت درجة سلامة هذة التعليمات والاوامر ، وهذا ينطبق على جميع مستويات الادارة من مدير المدرسة والموجه الاول ومدير المرحلة ومدير الادارة والمدير العام وهكذا فكل مستوى اعلى يلغى ويتحكم فى المستويات الاقل .

       ويتطلب تعميق وتاكيد مفهوم اللامركزية اعطاء الوحدات الادارية والمدارس والتوجيهات والادارات مزيدا من الصلاحيات ، مع تحديد السلطات والمسئوليات للمستويات الادارية المختلفة بما يعمل على توازن الاختصاصات داخل الوحدة الادارية ، وبما يساعد على اطلاق مبادرات الافراد وتنمية روح المشاركة وترسيخ مبدأ المواطنة والعمل فى فريق ، وإعلاء روح الجماعة واحترام الاختلاف فى حدود مصلحة العمل والعاملين ، مع تبسيط المفاهيم والاجراءات ، وتدريب العاملين على طرائق القيادة الذاتية ، واستراتيجيات حل المشكلات ، ومناهج التقييم الذاتى ، وتعميم تطبيق مبادئ الادارة الرشيدة والادارة الديمقراطية بما لايسمح باساءة استخدام السلطة .

       *الامتحانــــــــــــات

1-التركيز بشكل مبالغ فيه على الامتحانات التحريرية كوسيلة وحيدة لتقييم المستويات التعليمية للتلاميذ فى جميع المراحل والصفوف الدراسية ونوعيات التعليم ابتداء من مرحلة الحضانة الى نهاية المرحلة الثانوية ، مع اهمال واغفال الوسائل والطرائق والاستراتيجيات والاساليب التقويمية الاخرى ، وعلى ذلك فقد اصبحت وزارة التربية والتعليم وزارة الامتحانات ، رغم عقم عملياتها وتخلف اساليبها وعدم مغزوية اجراءاتها ، بما يمثل فى بعض الاحيان اهداراُ غير مبرر للمال العام فى الوقت الذى يجب فيه حسن توجيه الموارد المالية المحدودة وتعظيم الاستفادة منها فى تحقيق اهداف تحتل اولوية واهمية تربوية عن عملية الامتحانات فى حد ذاتها ، ويكفى ان نعلم على سبيل المثال ان الامتحان التحريرى الموحد على مستوى المديريات التعليمية للصف الثالث الابتدائى ( فصل دراسى اول وفصل دراسى ثان ودور ثان ) ، والمستفيد منه هم القائمون علية من لجان نظام ومراقبة ولجان ادارية ومطابع سرية ولجان سير ولجان تصحيح وما الى ذلك من امور تشق على الحصر ، وهو يطبق على اطفال فى عمر الثامنة ويتكلف سنوياُ مايساوى تكلفة امتحان شهادة انهاء الدراسة الثانوية العامة أو يزيد ، فضلاُ عن اثارة النفسية السلبية على اطفال فى هذه الاعمار الصغيرة نتيجة تعرضهم للاجراءات المتصلة بلجان الامتحان وارقام الجلوس وتعليمات الامتحان ومناخ الامتحان ومايتضمنه من تشدد ورقابة وانضباط لايتناسب مع النمو العقلى والادراكى لهؤلاء الاطفال ، وهذا الامتحان فى حد ذاته هو صورة جلية للقرارات العشوائية غير الخاضعة للدراسة والبحث ،كما ان القرار الوزارى الخاص بتقويم التلاميذ يعتمد كذلك الامتحانات التحريرية الموحدة على مستوى المدرسة لجميع التلاميذ من الصف الاول الابتدائى الى الشهادات العامة وفى جميعها رسوب ونجاح ودور ثان واعادة السنة دون وضع استراتيجية لدراسة اسباب الرسوب وطرائق علاجة ،حيث ان الاصل فى التقويم التربوى هو الوقوف على المستوى التعليمى والتعلمى الحقيقى للدارس ، ومعالجة اسباب تأخره الدراسى اولا باول ، والواقع الحالى للامتحانات خاصة فى الاربع سنوات الاولى من المرحلة الابتدائية يعد اهدارا لادمية التلاميذ واعتداء متعمد على براءة الطفولة فيهم بتعريضهم لمواقف القلق والتوتر عند مواجهتم المتكررة والمستمرة للمواقف الامتحانية بكل مافيها من رسمية وانضباط وجدية وخشونة لا تتناسب مع مراحلهم السنية ، علما بان عملية التقويم التربوى تنطوى على العديد من طرائق واساليب التقويم غير الامتحانات التحريرية ، مثل الملاحظة ، والانشطة المصاحبة ، والمناقشات فى جماعات صغيرة ، والواجبات المدرسية ، والامتحانات العملية والشفهية والتقارير ، والملخصات والرسوم والقصص... الخ ، وهى طرائق مناسبة جدا وميسرة وتتسم بالبساطة والمباشرة دون ان يشعر التلميذ انه موضوع تحت المراقبة وتصلح تماما للمرحلة الابتدائية وعلى الاخص للسنوات الاربع الاولى من تلك المرحلة وليس هناك ما يمنع من استخدام بعضها بل اغلبها فى المراحل الاخرى بعد تدريب المعلمين والموجهين والادارات المدرسية على تلك الطرائق وكيفية تطبيقها .

2- ورغم كل ماسبق بيانه فإن الامتحانات العامة وغيرها من الامتحانات فى مصر لازالت امتحانات قاصرة وعاجزة عن القيام بادوارها كواحدة من طرائق التقويم التعليمى والحكم على المستويات التعليمية للطلاب فى مختلف المراحل ونوعيات التعليم ، حيث تتسم تلك الامتحانات بالخصائص التىتفقدها وظيفتها كمقاييس للمعرفة والفهم والادراك والمهارات المرتبطة بالتطبيق والتحليل والتركيب والتقييم والتعرف على القدرات وانماط التفكير لدى الممتحنين ، ومن الخصائص المميزة لتلك المقاييس وفق التوجه العام للامتحانات فى مصر :

اـ قصور اغلب الامتحانات عن التأكيد على الشخصية المتميزة للطالب ، وعدم الحرص علىتأكيد ذلك أو ترسيخة بالاهتمام بجميع جوانب شخصيتة ، لان الالتزام فى تصحيح الامتحانات بنماذج اجابة موحدة يعد الخروج عنها امرا يستوجب الحرمان من الدرجة ، هو فى الحقيقة اهدار لتفرد الطالب وتميزه ، وطمسا لجوانب شخصيتة ، التى تسعى العمليات التعليمية لبنائها وتدعيمها من من خلال المناهج والمقررات والانشطة الدراسية المختلفة ، وذلك لاننا عند مطالبتنا للطلاب بنوع معين ومحدد ووحيد من الاجابة يعبرعن نمط موحد للفهم ، نكون قد اغفلنا تماما الجوانب الانفعالية والوجدانية لشخصياتهم ، وعجزنا عن قياس وتقدير تلك الجوانب والتى يعد تكوينها وتنميتها وصقلها هو اهم الاهداف التربوية وعملياتها التعليمية .

ب ـ اغلب الامتحانات تركز على قياس البعد المعرفى ، بل وعلى الجانب المتعلق بالتذكر والاستدعاء للمعلومات فقط ، و لا تقيس الفهم او التطبيق والتحليل والتركيب والتقييم او المهارات المتصلة بموضوعات الدراسة ، او القدرات العقلية فى جوانبها المختلفة .

ج ـ اغلب الامتحانات لاتخضع للمواصفات الفنية والتربوية للورقة الامتحانية ، لان اغلب المقررات الدراسية ليس لها توصيف تربوى خاضع للاهداف التعليمية وفق ترتيبها فى سلم الاهداف السلوكية لمحتويات المقررات والمواد الدراسية و لكل وحدة من الوحدات الدراسية المكونة لتلك المقررات، والاكتفاء بالاوزان النسبية لعدد حصص كل موضوع دراسى ، بغض النظر عما يشملة من اهداف سلوكية ، وغياب بنك الامتحانات المقننة اجرائيا وموضوعيا والمتصفة بالثبات والصدق ، والاكتفاء بشعار بنك الاسئلة لانه فى الواقع لايوجد شئ بهذا الاسم لانه لاضرورة له البته ، ووجود بنك للامتحانات يضمن توفر مقاييس امتحانية عادلة من حيث الشمول والموضوعية والثبات والصدق الموضوعى والبنائى لكل امتحان ككل من مجموعة الامتحانات والتى يصلح اى منها عند اختياره عشوائيا للتنفيذ ، واذا وجدت مثل هذه المقاييس فانها تكون قادرة على التقييم الموضوعى وتحديدالمستويات العلمية والتعلمية الحقيقية للطلاب .

       * المظهرية وغلبة الطابع الاعلانى عند التحدث عن التطوير

       بحيث اصبح التطوير موضة وشعار براق بدون معنى واقعى اوخطة متكاملة واضحة ومحددة المعالم ، فجميع ماتم حتى الان هو عقد المؤتمرات والندوات واللقاءات وورش العمل والاجتماعات فى افخر الفنادق ، ومايتضمنه ذلك من نفقات ضخمة وفى جميع المحافظات ، مع اشراك اعداد كبيرة من الناس ، ولم يسفر اى منها عن خطة واضحة ومحددة وفق برنامج زمنى ، وتم تنفيذها أو جارى تنفيذها ، سواء مايتصل منها بالتعليم العام الذى يؤهل طلابه بشكل موضوعى ومتكامل للالتحاق بالجامعة ، وبناء القاعدة المعرفية والمهارية اللازمة لتحديث وتطوير المجتمع ككل ، او التعليم الفنى الذى هو الامل فى اعداد جيل من الفنيين المهرة القادرين على التكيف مع سوق العمل والانتاج النامى فى مجتمع يطمح لتحقيق اكبر درجة ممكنة من النمو الاجتماعى والاقتصادى والمالى بزيادة الانتاج وتنظيم الاستفادة من الطاقات المادية والبشرية المتاحة ، المطلوب حسن استثمارها وتشغيلها ، بما يحقق النقلة النوعية للمجتمع الىمجتمع نامى متطور، قادر على الاسهام بفاعلية فى عمليات التبادل الانتاجى والخدمى عبرالعالم الواسع ، فى ظل سياسات الحرية الاقتصادية وحرية عبور رؤوس الاموال والسلع والخدمات سواء كانت مادية او معلوماتية اومالية او خلافة ،ودخول سوق العمل الذى اصبح مفتوحاُ فىجميع بقاع الارض وفق المهارة التكنولوجية الملائمة للتطور التقنى والفنى فى العالم الذى لم تعد بينه حواجز الاحاجز التميز والاتقان ، ففى الوقت الذى تتوسع فيه الدولة فى التعليم التجارى العالى ، تم الغاء التعليم التجارى الثانوى وتصفيته ، رغم حاجة سوق العمل لمثل هؤلاء الخريجين بعد تطوير هذا النوع من التعليم بما يتوافق مع احتياجات اسواق العمل فى الداخل والخارج ، باضافة المقررات الجديدة التى تتوائم مع هذه الاحتياجات ، اما التعليم الصناعى الذى يعد عصب التنمية فلم يتقدم للامام خطوة واحدة فى المواد الدراسية والورش المعطلة ، والادوات والخامات بسبب نقص التمويل الازم لتمكين الطلاب من التدريب الصحيح ، فضلاُ عن افتقار اغلب قياداته وموجهيه للتأهيل العلمى المناسب ، وعدم الفصل بين ماهو نظرى وعملى بشكل مضوعى .

       *غياب مفهوم وخطط واستراتيجيات التدريب الفعال :

       يعد التدريب الفعال فى الحقيقة هوعملية الارتقاء بالمنظمات وتاهيلها وزيادة كفاءتها لحسن القيام بادوارها ووظائفها فى ظل عمليات التغيير والتطوير الطبيعى للمعارف والمعلومات والتقنيات والحقائق والافكار والنظريات فى ظل عالم مفتوح ، وثورة معرفية هائلة فى جميع مجالات الحياة والتى من بينها الفكر التربوى ، وفى حقل التعليم وعلى الاخص فى مجالات التربية العصرية لابد من التركيز على التدريب والتعليم المستمر وفق معطيات ومتطلبات التطوير والتحديث فى البنية التربوية والمعرفية وبما يقابل الحاجات الحقيقية للمؤسسات التعليمية، والمستهدفين من التلاميذ والمعلمين والعاملين فى الحقل التربوى ، وقد جرى العرف فى التعليم على تصميم برامج تدريب نمطية للجميع بغض النظر عن المستويات التاهيلية والخبرة والتخصص للمتدربين ، واقتصار التدريب على عدد من المحاضرات التى يلقيها المسئولون فى التعليم ، وبغض النظر ايضا عن الاحتياجات التدريبية للمتدربين وفق التاهيل العلمى والتخصص والخبرة ، ووفق حاجة العمل ذاته لهذا النوع من التدريب من عدمة ، واختفت تماماالبرامج التدريبية التنشيطية التى كانت تقوم بها التوجيهات الفنية ، واختفى ايضا التدريب العملى من خلال ورش العمل والمعامل ، واصبحت الدورات التدريبية المتاحة فقط للترقية ، وهى دورات نمطية جامدة وثابتة عبر عقود طويلة من الزمن لم يضف اليها جديد سوى دورات شكلية ساذجة فى اللغة الانجليزية يقوم بتنفيذها بعض المعلمين ، ودورات مبسطة لمدة ثلاث ايام فى الحاسب الالى لاتمنح اية اضافة اوتمكين من مهارات التعامل مع الحاسب الالى مالم يكن المتدرب اصلا حاصل على دورات مفيدة فى هذا المجال ، والنوع الاخر من الدورات التدريبية يقبل عليه العاملون من اجل العلاوات التشجيعة ويتم تنظيمه من قبل الجهاز المركزى للتنظيم والادارة والتى لاتوجد اى صله بين اغلب برامجة التدريبية وبين الاحتياجات التدريبية التربوية الحقيقية للعاملين فى الحقل التعليمى ، ولذايصبح من الضرورى ان يتولى هذا الدور اجهزة وافراد مؤهلين للقيام بالدور التدريبى ، وفق تحديد دقيق للاحتياج التدريبى ونوعة مع الاستعانة بكليات التربية، والتوجيهات الفنية التربوية ، والاقسام العلمية بالجامعات والكليلت المتخصصة ، وذلك بهدف رفع كفاءة المنظمات التعليمية والعاملين فيها، وان يتم ترقية العاملين وفقا لنوع التدريب ومدى احتياج الجهه التى يعمل بها المتدرب لهذا النوع من التدريب .

       * التوجيهات الفنية التربوية :

       يعد التوجيه الفنى التربوى لكل مادة دراسية هو الاطار المرجعى لهذه المادة فى جميع النواحى العلمية والتنظيمية والتربوية ، وهو القلب النابض للعمليات التعليمية تدريسا وتقويما ومتابعة ، وقد تلاحظ انحسار الدور التربوى والتوجيهى والفنى لكثير من هذه التوجيهات واصبح العمل فيها روتينيا الى حد بعيد ، وذلك بسبب قيام العديد من الاجهزة والاقسام الادارية بعمليات المتابعه والتى هى عمل اصيل للتوجيهات الفنية ، فضلا عن تكليف المتابعين سواء من الاجهزة الادارية او الفنية بالتركيز على الانضباط الادارى فى الحضور والانصراف والجوانب الشكلية والنظافة والاضاءة ودورات المياة وما الىذلك رغم اهميته واهمال الجوانب التعليمية والتربوية تماماًُ ، وغلبة دور هذه الاجهزة على الدور الفنى لتلك التوجيهات والتى اصبحت تنحصر مهامها فى الاعمال الروتينية مثل التنقلات وتوزيع الجداول وسد العجز بالاضافة الىماتفرضة خطط المتابعة من اعمال كتابية كثيرة وتقاريرغالبا لايقراها احد بحيث اصبحت المهام الادارية تطغى على المهام الفنية والتوجيهية ، واصبحت مجرد كيانات فى الهيكل الادارى دون وظيفة فعلية ( وهذا اثر من اثارالنظرة الخاطئة للادارة المدرسية وسيادة النمط الادارى الذى يفرضة الجهاز المركزى للتنظيم والادارة بشكل موحد على جميع المنظمات الرسمية فى المجتمع ) ، وعلى هذا الاساس فان تفعيل وتنشيط وتقوية ادوار التوجيهات الفنية واعادة تاهيل وتدريب العاملين فيها هو واحد من اهم الادوار التى يجب الاهتمام بها اذا كانت هناك رغبة فى اصلاح حال التعليم ، كما ان مسئوليةاعداد المعلمين قبل واثناء ممارسة المهنة وتدريبهم ومتابعتهم بالتوجيه وتزويدهم وامدادهم بالخبرات الميدانية وتعديل طرائق ووسائل تدريسهم حتى تتفق مع اهداف المناهج التعليمية المختلفة واهداف النظام التعليمى ككل ، وبما يمكنهم من التقدم المهنى والوظيفى وتطوير انفسهم للقيام باعباء المهنة والارتقاء بها تقع على عاتق التوجيه الفنى والتربوى وذلك بحكم مسئوليته عن المادة الدراسية تخطيطا وتنفيذا وتقييما ومتابعة وحل مشكلات ، وهذا الدور لايقل بحال من الاحوال عن مرحلة الاعداد الاكاديمى ان لم يتفوق عليها لان هذا الدور يؤدى الى تهيئة المعلم للتكيف مع البيئة المدرسية ومكوناتها ويضمن حسن التعامل مع الطلاب والزملاء واولياء الامور والادارة التعليمية ، لان ادوار التوجيه الفنى التربوى فى متابعة العمليات التعليمية وتقويمها وتصحيح انحرافتها وعلاج اوجه قصورها يجب تاكيدها والتركيز عليها وتدعيمها.

       *الحقيبة التقويمية :

        رغم اهمية الحقيبة التقويمية كواحدة من اهم عناصر استرتيجية التقويم التربوى المستمر الا ان الاجراءات التنظيمية لتطبيق هذه الاستراتنيجية فى العمل التربوى غير واضحة للمعلمين فى جميع المدارس الابتدائية ولم يتم تدريبهم عليها بشكل كامل وصحيح ، وترك تنفيذها فى الواقع الى اجتهادات العاملين فى اقسام التقويم والقياس ، وكذلك موجهى الاقسام فى التعليم الابتدائى ( وهم جميعا فى الاغلب الاعم من غير المتخصصين فى التقويم والقياس ) وهذا ايضا نموذج للقرارات العشوائية وغير المدروسة ، فاصبحت هذه الحقيبة هى الشغل الشاغل لجميع معلمى المرحلة الابتدائية المتصلين بها وتركوا العملية التعليمية بالكامل وانشغلوا بتلك الحقيبة ، واصبح التعليم يتم لمن عنده مال من خلال الدروس الخصوصية ، لان القرار الخاص بتطبيق تلك الحقيبة لم يدرس بشكل كاف ، ولم يتم تحقيق المتطلبات الضرورية لتنفيذها من حيث الحد الاقصى لعدد التلاميذ لكل مدرس ، وان مدرس المرحلة التى يطبق عليها هذا النظام هو مدرس كشكول يقوم بتدريس جميع المواد لتلاميذه حتى يسهل متابعتهم وتقويمهم ، وان الهدف من هذا النوع من التقويم هو المحافظة على تقدم التلاميذ واستمرارنجاحهم وتفوقهم الدراسى ، ومعالجة مشكلات التحصيل الدراسى التى تواجههم اولا باول ، وان مايوضع فى الحقيبة التعليمية هو من انتاج التلاميذ انفسهم وليس اولياء امورهم ، وان هذه الانشطة تتصل اتصالا وثيقا بالمنهج الدراسى والمحتوى التعليمى وفى خلال اليوم المدرسى بقدر الامكان ، وان هذه الانشطة فى الواقع هى انعكاس لتفاعل التلاميذ مع معلميهم فىحجرات الدراسة وخارجها ، وان المعلمين والموجهين واعضاء الادارة المدرسية يجب ان يتعرضوا الى برامج تدريبية مكثفة وواقعية ، وان يجدوا باستمرار اجابات لما يعترضهم من مشكلات عند التنفيذ حتى يستقر وينتظم هذا الاسلوب ، وقبل كل ذلك ضمان الحد الادنى من الدخول الكريمة التى تكفل للعاملين وفق هذا المنهج عدم اللجوء الى اساليب اخرى يزيدوا بها من دخولهم التى تحقق لهم الحياة الكريمة ، هذا اذا مااريد لهذا المنهج ان ينجح و يحقق اهدافه تحت ظروف ومعطيات البيئة المصرية بكل تفاعلاتها ومكوناتها .

       *من اين نبــــــــــــدأ؟

        من المشكلات الرئيسيه للتعليم فى مصر اعتبار المراحل التعليمية مراحل يستقل بعضها عن البعض ، ولاتوجد بينها اى علاقة من اى نوع ، وكأن كل منها جزيرة مستقلة ، وعند التفكير فى احداث اى تحديث او تطوير للاهداف او الخطط او البرامج التربوية يكون البدء غالبا من المرحلة الثانوية ، رغم ان الواقع يقول ان المرحلة الثانوية هى نمو لمراحل دراسية سابقة فى الابتدائى والاعدادى ، وان التعليم بمراحله يعتمد على مبدأ تراكم الخبرات ، وعلى هذا الاساس فان المراحل التعليمية درجات فى سلم الخبرات التعليمية والبناء المعرفى ، وهى مراحل متصلة وغير منفصلة يجب ان تتسم فى نموها بالتكامل والاتساق فى الاهداف والمرامى ، ومنطق الامور يستدعى واقعيا التطوير من البداية اى من بداية السلم التعليمى بالمرحلة الابتدائية ومن الصف الاول ثم يتم السير للامام درجة فالتى تليها ، حتى نضمن ان يكون النمو العقلى والوجدانى والمهارى للدارس نموا طبيعيا بغير صدمات اومفاجأت ، حيث ان التدرج هنا ضرورى لقياس اثر التطوير اولا باول ، والعمل على تلافى الاثار السلبية التى قد تصادف التنفيذ ، وحتى يكون البناء على اساس من الواقع لضمان الترابط بين المراحل التعليمية المختلفة .

       * المشاركة الاجتـــــــماعية

       ضعف ومحدودية دور المشاركة المجتمعية فى العمليات والتنظيمات التعليمية يجب النظر اليه على انه واحد من المشكلات التى تقلل من كفاءة هذا النظام وجدارته ، حيث تعد المشاركة الاجتماعية بمفهومها الواسع هى اهم وانجح واسرع طرائق التنمية للمجتمعات المحلية ، من خلال حفز واستثارة دوافع سكان الكجتمع للاسهام فى تحقيق الاهداف التى من شأنها العمل على تنمية المجتمعات المحلية وتطويرها وحل مشكلاتها ، بل وزيادة فعاليتها وتشغيل وتفعيل الطاقات المعطلة فيها ، وحيث ان قطاع التعليم اليوم يعد القطاع المركزى المسئول عن اعداد وتهيئة وتربية وتاهيل القوى البشرية اللازمة لاحداث التنمية القادرة على تمكين الوطن والمواطن من النمو والتقدم وزيادة الانجازات الحضارية والانتاجية والانسانية، فهذا القطاع يجب ان يتم تضمينه فى خطط ومشروعات وبرامج المشاركة الاجتماعية ، وهذا يتم تحقيقةعن طريقين يجب العمل الجاد والمخلص خلال المرحلة القادمة على اتباعهما ، وذلك برسم مجموعة من الخطط والبرامج الكفيلة بتدعيمهما لتحقيق الاهداف المرجوة .

       فالطريق الاول يتمثل فى تحفيز واستثارة دوافع افراد ومنظمات المجتمع المحلى للمشاركة والاسهام المتنوع فى عمليات تحديث وتطوير المجتمع التعليمى والفكر التربوى والادارى سواء من خلال الامداد بالتجهيزات والمعدات والالات والادوات اللازمة والضرورية لمجتع المعرفة ، والتى تقف الامكانات المالية للدولة عاجزة عن تحقيقها ، وذلك للاسراع بعمليات التحديث وتوسيع رقعة انتشارها ، وتحقيق الامتداد الجغرافى ليشمل اكبر عدد من المدارس ، وكذلك من خلال المساهمة بالجهد والوقت والمشورة فى دعم وتدريب وتهيئة العناصر البشرية فى قطاع التعليم ، والوصول بها الى الكفاءة والقدرة على تنفيذ برامج وخطط التطوير والتحديث ، فضلا عن الاستفادة من الطاقات والامكانات والقدرات المتاحةلمنظمات المجتمع المدنى غير الهادفة للربح ، فى تنفيذ برامج وخطط الارتقاء بالمستويات الادائية والتأهيلية للعاملين التربويين ، وذلك لن يتحقق الابكسب ثقة الافراد والمنظمات ، باقناعهم بجدية وموضوعية مجالات التطوير ومدى شموليتها ، والاثر المتوقع من هذا التطوير على المجتمع المحلى فى جميع قطاعاته والتى يعد من اهمها القطاع الانتاجى والاستثمارى والخدمى ، كما يتم ذلك من خلال تحريك الطاقات المحلية الكامنة والمعطلة واستخدامها فى تحقيق اهداف النظام التعليمى ن بما يعرف ببرامج العون الذاتى والتىهى صورة من صور المشاركة الاجتماعية ، ليصب ذلك فى صالح قطاع التعليم كقطاع رائد لعمليات التنمية الاجتماعية والاقتصادية بالمفهوم الاشمل والاكثر اتساعاُ ، لان من يتم تضمينهم فى خطط التطوير اختياريا يكونون اكثر استعدادا للدفاع عن المنجزات التى ساهموا فى تحقيقها .

       اما الطريق الثانى هو غرس ونشر و ذيوع وتعميق وتنمية ثقافة المشاركة الاجتماعية فى وجدان ابنائنا التلاميذ فى جميع مراحل ونوعيات التعليم ، خاصة وان هذه العملية الاجتماعية بمفهومها الواسع العريض تختلف كليا عن مفهوم اعمال البر الخيرية او الاعمال الانسانية التى يقوم بها الاغنياء والموسرون على سبيل الصدقة او التباهى بالنعمة ، وذلك لان المشاركة الاجتماعية فى الحقيقة هى واحدة من انجح واكفأ استراتيجيات التنمية المحلية فى كثير من المجتمعات سواء المتقدمة او النامية حيث يشارك المواطنون جميعا حسب قدرات وامكانات ومواهب كل منهم طواعية فى خدمة مجتمعاتهم المحلية ،التى يعتزون بالانتماء اليها ، ويؤكدون ذواتهم من خلالها ، ليس فقط بالمال رغم اهميته ولكن بالجهد والوقت والمشورة وابداء الرأى ، والمشاركة الفعالة فى اتخاذ القرارات المحلية التى تهتم بحل مشكلات قائمة ، او تحسين نوعية الحياة ، او تغيير انماط السلوك الاجتماعى المتخلفة التى تعوق نمو المجتمع المحلى وتطورة ، وياتى ذلك عن طريق غرس هذه القيمة الاجتماعية والانسانية العظيمة فى نفوس ابنائنا الطلاب من مرحلة الحضانة حتى الجامعة بحيث تصبح جزءاُ من سلوكهم اليومى ، وذلك بتنظيم مجموعة متنوعة ومتكاملة من الخطط والبرامج التى تعود هؤلاء الابناء على مشاركة الغير فى حل مشكلاتهم الجمعية والعمل معهم كفريق فى اطارمن روح التعاون البناء ، كالزيارات المتكررة والمنتظمة لدور العجزة والمسنين ودور رعاية الايتام والمعوقين لخدمتهم وتقديم العون لهم ومساعدتهم على اداء بعض شئونهم الخاصة مرة اسبوعيا ، او تنظيم عمل مشروعات خدمة بيئة كطلاء المنازل القديمة اوتخطيط برامج مساعدة الفقراء أومحو الامية أوالنظافة أوتوزيع المساعدات على الاسر المحتاجة او حتى تنظيم دورى محلى لكرة القدم أوانشاء ملعب لابناء المنطقة أو اية مشروعات مشابهه يقوم بتخطيطها وتنفيذها وتقييمها الطلاب بانفسهم بمشاركة معلميهم واخصائى الانشطة والاخصائيين الاجتماعيين ، او دراسة مشكلة من مشاكل المجتمع المحلى والعمل على وضع خطة او مجموعة خطط لحل هذه المشكلة بالجهود الذاتية ، مع مضاعفة وتكثيف وتكرار مثل هذه الانشطة ، حتى يتم ترسيخ مفهومها وتصبح جزءاُ من السلوك اليومى للفرد ونشاطة اليومى الذى يحقق له الرضا النفسى والاجتماعى من خلال تقدير المجتمع لاسهامه مهما كان هذا الاسهام محدودا أو بغض النظر عن مقدار هذا الاسهام لان المهم هو المساهمة فى حد ذاتها.

       وتمثل عملية اكساب الفرد روح المشاركة الاجتماعية اهمية بالغة فى تعديل اتجاهات الافراد الايجابية نحو العمل الاجتماعى ، والعمل الجماعى فى فريق ، وتنمية روح الانتماء للمجتمعات المحلية والوطنية ، وترسيخ مبدأ المشاركة السياسية فى صنع القرارات الصحيحة اللازمة لمصلحة الوطن والمواطن ، ونشرو ذيوع السلوك الديمقراطى ، وقبول الاخر واحترام الاختلاف والتنوع فى وجهات النظر والافكار ، وتأكيد ثقافة العمل التطوعى اختياريا ، والاسهام التلقائى الواعى فى صنع المستقبل وتقديم العون والمساعدة ، وهذا فى حد ذاته يعد مكونا اخلاقيا راقيا من مكونات الشخصية الانسانية.

       * التـــــــعليم الفنى

       التعليم الفنى هو المجال الحيوى الواسع الذى يجب ان يتم التركيز على تطويرة وتحديثة ورفع كفاءته ، وزيادة فعاليتة خلال المرحلة المقبلة ، لان المجتمع المصرى حاليا ومستقبلا فى اشد الحاجة للعناصر الفنية الماهرة والمؤهلة والقادرة على مباشرة عمليات الانتاج ، وتنويعها وتجويدها وزيادتها والوصول بها الىالمستوى التنافسى محليا وعالميا ، من حيث الخواص الانتاجية والاستعمالية والسعرية والتبادلية للسلع والخدمات ، وهو المسئول عن خلق وانتاج القاعدة الماهرة من الفنيين والمنتجين ، خاصة والمجتمع يطمح الى مزيد من التوسع فى الاستثمارات الجادة فى مجال السلع والخدمات ، ولامجال لزيادة الانتاج القومى الابتلك الاستثمارات التى تحتاج الى قوى عاملة فى جميع قطاعات الانتاج والخدمات ، ولقد طرأت على الفكر التعليمى فى السنوات الاخيرة فكرة التوسع فى الثانوى العام المؤهل للالتحاق بالجامعات المكدسة باعداد تفوق كثيرا تجهيزات وامكانات العديد منها ان لم تكن جميعها ، وهو اتجاه لايسير فى صالح سوق العمل من ناحية ولاالخطة الاستثمارية للدولة فى المدى القصير والمتوسط من ناحية اخرى ، خاصة وان سوق العمل بما فيه الحكومى متخم بوظائف الحاجة الحقيقية للعمل لاتحتاجها ، فضلا عن شيوع البطالة بين خريجى الجامعات فى التخصصات التى لا يحتاجها السوق الحقيقى للطلب على الاعمال ، وعليه فان العودة للتوسع فى التعليم الفنى هى الاستراتيجية التى يجب التركيز عليها , وأن يعد هذا الامر من اولويات السياسات الحكومية ، فكفى المجتمع خريجين سوق العمل فى غنى عنهم ويمثلون عبئا اجتماعيا خطيرا فى الوقت الحاضر ، ولكن للاسف فان التعليم الفنى يواجه مجموعة كبيرة من المشاكل التى تعوقه عن القيام بدورة بالصورة المرجوة منه ، ومن ابرز المشاكل التى تواجهه :

1- عدم كفاية الورش والمعدات لاعدادالطلاب حيث يوجد فى بعض التخصصات اعداد من الطلاب اكبر بكثير من الطاقة الاستيعابية للورش والمعامل ، وكذلك عدم توافرالخامات اللازمة للدراسات العملية والتدريبات التى من المفترض ان يقوم بها الطلاب ، حتى تتوفر لهم المهارات الفنية العملية وفق اهداف هذه النوعية من التعليم ، حيث ترتبط الدراسة فى مدارس التعليم الفنى ، بمبدأ التعلم عن طريق الممارسة ، وتكتسب المهارات الفنية عن طريق التدريب والمران المتكرر، حتى يمتلك الدارس المهارة المطلوبة ويتقنها يجيد التعامل معها .

2- توافر بعض الاجهزة المتطورة والغالية الثمن فى بعض المدارس دون ان يكون هناك احتياج دراسى او تدريبى لمثل هذه المعدات والاجهزة ، فى الوقت الذى لاتوجد فيه المعدات والادوات الضرورية التى تحتاجها المقررات المنفذة بالفعل ، ويكتفى بتدريسها نظرياُ لعدم وجود معداتها أوالخامات اللازمة للتشغيل والتدريب العملى ، وهذا يشير الى عدم وجود تنسيق موضوعى بين الجهات الموردة للمعدات والالات والاجهزة والتوجيهات الفنية المتخصصة وادارات التعليم الفنى والمدارس ، وهو مايمثل اهدار عشوائى للموارد المتاحة والتى يجب ان توجه بشكل صحيح لتعظيم الاستفادة منها.

3- كثير من مدرسى العملى فى التعليم الصناعى ليس لديهم الالمام الكافى ولا المهارة العملية الضرورية للقيام بالدور التدريبى للطلاب ، مع النقص الشديد فى المعارف النظرية المرتبطة بالموضوعات الفنية المقررة ، وبالتالى ينعكس هذا على المستوى التدريبى للطلاب ، والذين بالتالى لايملكون المهارة الفنية والعملية المطلوبة ، وهذا ناتج عن عدم التدريب الكافى لهؤلاء المعلمين قبل واثناء ممارسة المهنة ، وكذلك غياب وضعف الدور التدريبى والتوجي للتوجيهات الفنية ، للارتفاع بالمستويات الادائية للمعلين ورفع كفاءتهم المهنية ، وهو دور يجب التركيز عليه للارتقاء بالمستوى المهنى والتربوى لهؤلاء المعلمين ومعالجة اسباب القصور فى ادائهم المهنى .

4- كثير من المعدات والادوات والالات الفنية المتطورة تحتاج الى صيانة واصلاح قد يتعذر وجودة لعدم وجود عقود صيانة مع جهات توريد هذه المعدات حيث ان الكثير منها غير مصنع محليا وليس له قطع غيار متوافرة فى الاسواق ، وبعضها غير مصحوب بكاتالوجات مفصلة ، يمكن الاطلاع عليها بسهولة ، والبعض الاخر لاتتوافر الاموال الكافية لاجراء الصيانه اللازمة له بسبب ارتفاع تلك التكلفة عن الامكانات المتاحة بالمدارس ولذلك بقيت فى المدارس كموارد معطلة ، فضلا عن تعدد الجهات المسئولة عن ذلك كهيئة الابنية التعليمية والادارات المدرسية والتوجيهات الفنية ، لذا فلابد من توحيد وتحديد الجهه المسئولة عن صيانة واصلاح تلك المعدات والزامها بذلك ، مع ضمان الجدية والفورية فى الاصلاح حتى لاتتعطل التدريبات العملية للطلاب .

5- كثير من المعدات والالات الفنية المتطورة وردت للمدارس دون ان يتم تدريب العاملين على تشغيلها وادارتها والتعرف على امكاناتها واجزاءها وطرائق صيانتها ، مما جعل كثير منها رغم ضرورتها للعملية التعليمية كقطع الديكور التى تزين بها الورش المعامل ، دون استخدام حقيقى ودن الاستفادة منها فى اغراض التعليم والتدريب ، علية فلابد من عمل حصر فنى دقيق لتلك الاجهزة بالاستعانة بالموجهين المحليين المتخصصين ، والبحث عن طبيعة تلك الالات والاجهزة والتعرف على خصائصها ومميزاتها ، وبالتالى تنظيم برامج تدريبية مدروسة لهيئات التدريس بالمدارس والموجهين ذوى الصلة وتوثيق هذه البرامج وتسجيلها حتى يمكن الاستفادة منها مستقبلا ، مع مراعاة استطلاع اراء المدارس والتوجيهات وادارات التعليم الفنى ، عن الاحتياجات الحقيقية من الالات والاجهزة التى يتطلب وجودها تنفيذ الدروس العملية ، وفق الاقسام والشعب الموجودة بالمدارس ، والمقررات الدراسية المرتبط تدريسها بهذه الشعب ، ووضع المواصفات الفنية الدقيقة لكل اله أوجهاز ، ولايسمح بتوريد اجهزة تخالف هذه المواصفات ، وضمان التدريب الكافى والفعال للمعلمين وبالذات صغار السن منهم والموجهين ، على استخدام وتشغيل هذه الالات والاجهزة قبل توريدها للمدارس ، وفق المواصفات الاشتراطات الفنية ، وضرورة تدريب العاملين على صيانة هذه المعدات ، وتوفير قطع غيارها ضمن اشتراطات التوريد ، ووضع رقابة مالية وفنية على عمليات الشراء ، للتاكد من ان الصفقات المبرمة للتوريد تتفق مع الاحتياجات الواقعية للمدارس الفنية من ناحية ، وتتطابق مع المواصفات والاشتراطات الفنية المتفق عليها من ناحية اخرى ، والتأكد من ضمان الصيانة وتوفير قطع الغيار اللازمة للصيانة والاصلاح وضمان التدريب.

6- الانفصال التام بين معلمى النظرى وخريجى كليات التربية شعبة التعليم الصناعى ومعلمى العملى من حملة الدراسات التكميلية ، بل والتعالى والتكبر من قبل الفئة الاولى على افراد الفئة الثانية ، وبالتالى يسير كل فريق فى اتجاه ، ولايتم التنسيق الكافى بين الفئتين المكلفتين بتدريس مقررات دراسية واحدة ، مع ما يمثله ذلك من توزيع الطلاب بين الفئتين لكل منهم اهميته ، فى الوقت الذى يعد فيه المقرر المدروس مقررا واحدا ، ويجب ان يتم التكامل بين الفئتين دون تفاضل بينهما ، بل ماذا يمنع قيام مدرسى النظرى من تدريس بعض الدروس العملية للموضوعات ذات الاهمية الفنية الخاصة؟ ما لم يكن هناك قصور فى امكانيات وقدرات هذه الفئة نتيجة ضعف ومحدودية الاعداد الاكاديمى لهم وهو مايمكن ادراكة من دراسة وتحليل البرامج التعليمية وطبيعة المقررات التى تعرضوا لها خلال فترة الاعداد الاكاديمى لهم ، وهل تتناسب تلك البرامج والمقررات وطبيعة وكيفية دراستها مع المستوى المفترض توافرة فى الخريج ؟ حتى يصبح مؤهلا للتدريس فى التعليم الفنى الصناعى ، وهو مايستوجب اعادة النظر فى البرامج التعليمية الجامعية الخاصة باعداد مدرس التعليم الصناعى وبما يتفق مع طبيعة العمل ومتطلباتة والمهارات والقدرات الواجب اكسابه اياها حتى يكون اهلا لممارسة العمل بالكفاءة والفاعلية المطلوبة ، من خلال التعاون مع الجامعات التى بها كليات للتعليم الصناعى حتى تتعرف هذه الجامعات على المواصفات المطلوب توافرها فى خريجيها لكى يكونوا صالحين للعمل فى التعليم الصناعى ، مع العلم ان هناك فئة اخرى تعمل بالتدريس فى التعليم الصناعى من خريجى المعاهد العليا الصناعية يقومون بتنفيذ الحصص العملية بنفس كفاءة تدريس الدروس النظرية بل ان نصف جداولهم تخصص للنظرى والنصف الاخر للعملى .

7- نظرا لارتفاع اثمان كثير من العدد والالات والاجهزة ، وصعوبة وارتفاع تكلفة صيانة البعض الاخر ، فان كثير من ارباب العهد يكتفون بالمحافظة عليها وتنظيفها دون السماح على الاطلاق بالعمل عليها اواستخدامها ، بحجة انها عهدة مالية عليهم المحافظة عليها ، مع العلم ان هذه العهد ما وردت للمدارس الا لتدريب الطلاب عليها ، واكسابهم الخبرات الضرورية للتعامل معها بكفاءة واجادة استخدامها مستقبلا وهذا وضع رغم وضوحة الا ان المتابعات التوجيهية والفنية لا تولية ما يستحقة من التعديل والتوجيه والترشيد ، لضمان حسن الاستفادة من الامكانات المتاحة بقدر الامكان ، مع ضمان المحافظة على تلك الادوات والاجهزة من قبل المعلمين والطلاب ، ولامانع من وضع الضوابط الكفيلة بالحفاظ عليها ، لانها فى النهاية جزء من ثروة المجتمع .

8- فى كثير من المقررات العملية لايسمح للطلاب بعمل التمارين العملية بمعدات والات المدرسة ، ويقوم مدرسو العملى بانجاز هذه التمارين بحجة المحافظة على المعدات والالات ، ويعلم كثير من اعضاء التوجيه الفنى بذلك ، ولكن لاتتم محاسبة او تعديل هذا الوضع الخاطئ ، والتدريب العملى فى النهاية هو مكون اساسى من مكونات العملية التعليمية فى التعليم الفنى ، وهو حق اصيل للطالب يجب ان يحصل عليه كاملا ، وعلى التوجيهات الفنية ذات الصلة ان تراعى هذا الامر تماما لصالح العملية التعليمية ، وتمنع استمرارة وتعيد الامور الى نصابها الصحيح للمساهمة فى تمكين التعليم الفنى من تحقيق اهدافه بالفاعلية والكفاءة ، والتى تعمل على تحسين خواص المنتج التعليمى وتنمية قدراته ومهاراته بالتدريب الحقيقى والمران المتكرر .

9- الامتحانات العامة فى التعليم الفنى تحتاج الى مراجعة متبصرة فى جميع جوانبها الاجرائية والتنفيذية ، واجراء مقارنات موضوعية بين نتائج امتحانات النقل ونتائج الامتحانات العامة لان هذه الامتحانات لاتؤدى وظيفتها التقويمية فى الحكم على صلاحية وكفاءة الخريجين من مدارس التعليم الفنى على الوجه السليم ، وذلك لعدم جدية الامتحانات العملية التى يقوم الممتحنون من مدرسى العملى بانجازها للطلاب نظير بعض الاتاوات غير المنظورة سراُ ، وعدم جدية اعمال الامتحانات والتصحيح والرصد للامتحانات النظرية ، فكيف يتصور ان تكون نتيجة امتحانات النقل لبعض المدارس فى حدود من 60 : 70% فى افضل احوالها ، وتكون نتيجة امتحان الدبلومات لنفس المدرسة اكثر من90% ، وهو امر يستدعى دراسة وتقرير بعض الضوابط التى تضمن حسن سير هذه العمليات على افضل وخير وجه ، وبما يحافظ على جدية عمليات التقويم التربوى ، ويمنحه المصداقية فيما يعلنه من نتائج حتى نضمن خريجين ذوى كفاءة ومهارة حقيقية .

10- عدم كفاية المخصصات المالية والفنية لتمكين هذا النوع من التعليم للقيام بواجباته بالشكل الذى يحقق الاهداف التى انشئ من اجلها ، ويمكن تحقيق ذلك باستدخال ومشاركة منظمات المجتمع المحلى ، والشركات التى يرتبط نشاطها الانتاجى بنوع التعليم التى تقدمه هذه المدارس ، كما يمكن زيادة موارد هذه المدارس بتحويل الورش الموجودة بها لخدمة كافة القطاعات الموجودة بالبيئة المحلية نظير اجر ، وهذا يضمن قيام الطلاب بهذا العمل تحت اشراف معلميهم ، ويضمن دخلا اضافيا للمدارس يمكن ان تمول منه عمليات الصيانة والاحلال ، مع وضع الضوابط التى تكفل الاستفادة من هذا الوضع ، مع منح العاملين والطلاب حافزا معقولا ، وبما يتلافى عيوب مشروعات راس المال المنفذة حاليا ببعض المدارس ولبعض الانشطة المحدودة .

11- عدم مناسبة بعض المقررات من ناحية غلبة الناحية النظرية على الناحية العملية التى هى اساس الدراسة الفنية سواء فى التعليم الصناعى اوالزراعى ، وعليه فلابد من تشكيل لجان موضوعية من المعلمين المؤهلين واعضاء التوجيهات الفنية من المتخصصين ورجال الصناعة والزراعة من الخبراء المرموقين لتقييم البرامج التعليمية الحالية والموائمة بين الحصص النظرية والعملية بما نضمن معه حسن توزيع الدروس بشكل متوازن ومعقول .

12- تقلص بعض المواد الدراسية الفنية بتقليل عدد دروسها والحصص المخصصة لها ، رغم اهميتها للدارس فى التعليم الفنى كالرسم الصناعى مثلا ، وهذا امر يجب اعادة النظر فية ، ليس لهذا المقرر فقط ولكن لبقية المقررات فى الخطة الدراسية لكل تخصص من التخصصات المتاحة فى التعليم الفنى ، وبما يحقق الجودة الحقيقية للخريج ويمكنة من الالمام الكامل بهذا التخصص الذى سيصبح مهنته الاساسية فى المستقبل .

       هذا فى الحقيقة غيض من فيض ، فمشاكل التعليم المعاصر الحقيقية فى مصر ، قديمة ومعقدة ومتشابكة ومتجذرة ،وتم القفز فوقها فى مراحل كثيرة دون مواجهه شجاعة وصادقة وحقيقية ، وتم اختزالها فى مراحل اخرى ، وتم عمل حملات اعلانية ضخمة فى احيان اخرى ، ولكن للاسف لم تتم عملية تخطيط حقيقية ومتكاملة للمشاكل الكلية فى التعليم اى مواجهه شاملة وغير جزئية ، رغم ان جهدا كبيرا قد بذل وان الجميع حاولوا بصدق واخلاص ، ولكن كانت المحاولات فردية وركزت على بعض الجوانب دون اخرى ، فقد تم بناء عدد من المدارس خلال السنوات العشر الماضية يفوق ماتم بنائة فى المائة سنة السابقة عليها وهو جهد مشكور بلاشك ، وتم طرح فكرة المعايير القومية لقياس جودة التعليمفى مصر ، ولكن دون الجدية والعلمية الواجبة ، وماتم تنفيذه منها لايصلح للاستخدام المباشر فى عمليات تقييم حقيقية ، لان من سيقيم من ؟ والمدارس التى تبنيها وتؤثثها الحكومة وتديرها وتنفق عليها الحكومة ، فهل المطلوب هو تقييم جودة الحكومة ؟ ومشاكل جودة التعليم مرتبطة اساسا بالامكانات القاصرة للدولة فى ضوء محدودية الموارد المالية المتاحة ، فضلا عن عدم موضوعية ووضوح وشمول القواعد والاسس التى تم صياغة تلك المعايير على اساسها ، وعقم الاتجاهات والافكار والاساليب المتبعة فى علاج مشكلات التعليم عبر ما يزيد عن نصف قرن من الزمان ، والان نحن نقف فى مفترق طرق حكما لاظنا ، فاما التصدى الكامل والمواجهه الشاملة لجميع مشكلات التعليم ، واما مزيدا من الاهدار للموارد المحدودة اصلا وضياع الفرص المتاحة والتى قد لاتسمح الظروف بتكرارها مستقبلا .

       ثم ان هناك مشكلة هى من اهم افات التعليم الان وهى طغيان الهيكل والبنيان الادارى وتضخمة بالدرجة التى تعيق وتضعف اية امكانات للتطوير والتحسين على اسس من العلمية والموضوعية , فان اعداد الشاغلين لوظائف ادارية داخل الجهاز التعليمى تتساوى ان لم تكن تفوق اعداد العاملين التربويين من المعلمين والتوجيهات الفنية , ليس هذا فحسب ولكن هذا الكيان البيروقراطى الضخم هو المتحكم فى القسط الاكبر من ميزانية وزارة التربية والتعليم ، وهوالمستفيد من المكافآت والبدلات والميزانيات المخصصة لاغراض قد لايحتاجها التعليم فى المقام الاول ، مثل الميزانيات غير المبررة لجهاز الكتب بالوزارة والتى تدار وفق رغبات المسئولين وبما يحقق لهم وحدهم المنافع المالية على حسب حسن توجيه الموارد المتاحة ، و بما يحقق الرشد فى الانفاق ويقضى على الاسراف غير المبرر ، بل ان احد المسئولين فى مرحلة قريبة انشأ باسم زوجته شركة ودار للنشر لطبع الكتب التى توافق الوزارة على تدريسها فى مدارس اللغات ، والتى تعد الموافقة على تدريسها مرتبطة بالموافقة الضمنية لمسئولى المدارس على طباعتها فى تلك الدار ، فضلا عن التوسع فى طباعة كتب لم تتم الموافقة عليها بعد فى كثير من الاحيان ، ثم لامشكلة فى الغاء تدريس هذه المقررات غير المعتمدة من الاجهزه الفنية والتوجيهات العامة للمواد الدراسية ، وهذ امر يتطلب اعادة مراجعة واعادة فحص للاوامر الصادرة فى هذا الشأن لتقدير حجم الهدر والفاقد نتيجة عدم انضباط الاشراف على تلك الادارات المهولة , والتى غالبا مايتولاها المحاسيب من المقربين من الوزير المسئول او المتولين وظائف تتيح لهم الاحتماء بمن هو اقوى من الوزير او تساويه من القيادات التعليمية المعينة فى مجلس الشورى ، ومسئولى الاتصال السياسى بالوزارة والذين يرتبط عملهم بتحقيق رغبات اعضاء مجلسى الشعب والشورى ، وما يتضمنه ذلك من استثناءات فى الالحاق بالمدارس رغم مخالفة السن او عمليات نقل وترقية بعض العاملين المحظوظين من اتباع السادة اعضاء المجالس النيابية او المسئولين التنفيذيين ، وذلك بالمخالفة للقواعد والمهدرة لمبدأ المساواة، وكذلك التوسع فى طباعة كتب على نفقة الوزارة لاتخدم العملية التعليمية وايضاً الطباعة باكثر من الاعداد المطلوبة فعلا لكل عام دراسى على حدة ، وبعد تحرير التجارة وسيادة مفهوم السوق الحرة لم تعد الوزارة ملزمة بطباعة الكتب فى المطابع الاميرية والتى تبلغ تكاليف الطباعة لديها اقل من نصف تكلفة الطباعة لدى مطابع القطاع الخاص الذى لايهدف الا للربح ، وكذلك الاعتماد على اوراق الطباعة المستوردة والتى ضربت صناعة الورق المصرية فى مقتل لصالح المستوردين ، وهاهى شركة راكتا لصناعة الورق على وشك الافلاس ، وتفلس معها صناعة الورق الوطنية ، كما ان طباعة بعض الكتب فى دور الطباعة المملوكة للمؤسسات الصحفية القومية مرتبط فى كل الاحوال بمقدار الدعاية التى تقدمها الدور الصحفية للوزارة وانجازاتها , وغض الطرف عن المخالفات الرهيبة داخل وزارة التربية والتعليم ، اى ان الطباعة داخل هذه المطابع مرتهن بالدعاية للوزارة والوزير المختص وعدم التعرض لى منها بالنقد والا امسكت الوزارة يدها عن طبع الكتب لديها .

       وكذلك هيئة الابنية التعليمية والتى يتولى ادارتها المحظوظون من اولى الثقة والتى تتولى ليس فقط بناء المدارس الجديدة وصيانة المدارس القديمة واعادة تشغيلها وتأهيلها ، ولكن القيام ببعض اعمال المقاولات الخاصة التى تتعارض فى كثير من الاحوال مع اهداف الهيئة ذاتها ، ويراسها موظف بدرجة وزير وغير خاضع للاشراف المباشر للوزير ، وهى اية من ايات الفساد الادارى والمالى ، فلقد ضمت الى اختصصاتها مهمة تاثيث المدارس بالتخوت والمعامل والورش وصيانه اجهزتها, وما الى ذلك من نواحى ليس لها علاقة بالغرض الذى انشأت من اجله هذه الهيئة ، ناهيك عن اهدار المال العام فى مناقصات وهميه واغلبها تغلب عليه شبهه التربح ، وواقع حال المدارس من حيث سوء الاحوال المعمارية والبنائية ونقص الاثاثات الضرورية ورداءة الخدمات مثل الصرف الصحى والمياة الصالحة ودورات المياه الادمية اللازمة للطلاب والمعلمين ، كما ان امستوى الحالى لاغلب المدارس لايليق بمؤسسات تربوية يتعلم فيها الدارسون الاحساس بالجمال وتذوقة ، وتتولى هذه الهيئة اغلب اعمال التطوير التكنولوجى للمنظومة التعليمية بدون رقابة او متابعة .

       كما ان الهيئة هى المسئولة عن توريد متطلبات ورش ومعامل التعليم الفنى وصيانتها ، وذلك بتوفير الات وادوات ورش غير مطلوبة للعملية التعليمية وغير مناسبة للمقررات والموضوعات المدروسة وغالية الاثمان بشكل مبالغ فيه من ناحية ، ومن ناحية اخرى لايوجد لتلك الالات والمعدات اية عقود للتدريب او الصيانة ولامكان لهذه المعدات غالية الثمن وغير الصالحة الا مخازن المدارس لاستحالة الاستفادة منها وفى الغالب يتم تكهينها بعد استنفاد عمرها الافتراضى وهى لم تستخدم قط فى اى عملية تعليمية ، وحتى الصالح منها عرضة للتعطيل والتكهين بسبب عدم وجود قطع الغيار الاصلية المناسبة ، وعدم امكان صيانتها بشكل دورى يضمن لها حسن القيا بادوارها ، وعندما تعرض احد الوزراء للتسيب والاستهتار واهدار المال العام فى تلك الهيئة , والتى من المفترض تبعيتها للوزير قامت الدنيا ولم تقعد بسبب الاضرابات التى قام بها العاملون بهذه الهيئة بها رغم علمهم بالفساد المستشرى فى هذه الهيئة ، وعدم قيام هذه الهيئة بدورها الصحيح والذى يستقطع المبالغ المهولة من المخصصات الماليه للوزارة والتى يجب ان يعاد النظر فيها وبما يحقق حسن استخدام الموارد وحسن توجيهها ، وان لاتكون تلك الاموال عرضه للنهب تحت سمع وبصر القانون والقائمين على المراقبة المالية والذين يتورط اغلبهم فى تلك المخالفات نظير حصولهم على بعض المزايا المالية بعيدا عن سمع وبصر القانون الصحيح ، وعمل هذه الهيئة يجب ان يخضع لرقابة الاجهزة والهيئات الرقابية بكل تجرد وحيدة لايقاف نزيف المال الاميرى المنهوب .

       ومن الكيانات الهائلة فى البناء التنظيمى لوزارة التربية والتعليم هى الادارة المركزية لشئون الطلبة والامتحانات ، فهذه ادارة مستقلة ولها ميزانيات اكثر من ضخمة ، مما تخصصه الوزارة لها من ميزانيتها فضلا عن الرسوم التى يدفعها كل من يطلب خدمة من خدمات هذه الادارة والتى تخدم جميع الادارات التعليمية والمديريات على مستوى الجمهوريه من شهادات القيد الدراسى ، والشهادات الدراسية العامة ، واعتمادات الطلاب المصريين الملتحقين بالدراسة فى الخارج ، وغير ذلك من الخدمات التى تؤدى باجرورسوم ، لايدخل اغلبها ميزانية الوزارة ولكن يتم صرفها فى صور مكافآت وبدلات مهوله للعاملين فى هذه الادارة وفق مستواهم الوظيفى ، وكذلك للمسئولين فى الوزارة بغض النظر عن علاقتهم بتلك الادارة شديدة التعقيد والسيطرة ، والتى لايعمل بها الااصحاب الحظوة والمقربين من الموظفين المسنودين والذين يجيدون مبدأ الطاعة والسمع ، علما بان مكافآت اى موظف بهذه الادارة تفوق راتب ومخصصات وكيل الوزارة فى اى مكان اخر غير هذه الادارة ، واهم مافى اوجه الهدر والسفه المالى غير الرشيد فى هذه الادارة هى الامتحانات العامة ، كالثانوية العامة والدبلومات الفنية ثلاث سنوات والخمس سنوات فى كل من التعليم الصناى والزراعى والتجارى والفندقى وبقايا معاهد المعلمين والمعلمات فى بعض المحافظات ، فلكل امتحان من هذه الامتحانات ميزانيات بمئات الملايين من الجنيهات المصرية فى كل من الدور الاول والدور الثانى ، تضيع فى صورة ادوات ومعدات وخامات واوراق ومطبوعات واحبار وادوات مكتبية يحتاجها العمل فى هذه الامتحانات فعلاً ، ولكن الفساد اولاً ياتى من المناقصات والمزايدات الشكلية والتى غالبا مايتم من خلالها توريد خامات رديئة وغير مطابقة للمواصفات المنصوص عليها فى كراسة الشروط ، وهى اعمال تتم بالتعاون بين الادارة العامة للامتحانات وادارة التوريدات والمخازن بالوزارة ، ومن ناحية اخرى وهى لاتقل فى اهميتها هى المكافآت والبدلات التى تتكلفها هذه الامتحانات والتى يذهب اغلبها لمن لايستحقونها ، والذين يحصلون على مبالغ تفوق الوصف على حساب العاملين المكلفين فعلا باعمال تلك الامتحانات ، والذين دائما مايسرق جهدهم ليتم دفعة لمن لايستحقة من كبار الموظفين والمسئولين فى الدولة بما فيهم المحافظون ومدراء الامن ومامورى الاقسام وبالطبع ضباط ومسئولى امن الدولة وكافة القيادات التربوية بالمديريات التعليمية والوزارة بدون استثناء . بل وقد حدث ان بعض وزراء التربية والتعليم كانوا يمنحون التكليفات سواء لرئاسة اللجان الادارية او المطبعة السرية او مراكز توزيع الاسئلة او رؤساء لجان النظام والمراقبة وهى بالنسبة للثانوية العامة تسع لجان فضلا عن لجان الادارة والباغ عددها تسع ايضا ، ناهيك عن البلومات الفنية نظير مبلغ من المال لايقل عن مائة وخمسين الف جنيه مصرى لكل عمل فى كل دور من ادوار الامتحانات .

       وتتم عمليات النهب المظم لميزانيات اللجان الادارية ولجان النظام والمراقبة لكافة الامتحانات عن طريق تسجيل اعضاء من ذوى المرتب الاساسى المرتفع من قدامى العاملين ، وتكليفهم على الورق باعمال تتعلق بالنظام والمراقبة او الاعمال الادارية دون ان يعملوا فى الحقيقة لكبر سنهم وعدم قدرتهم على تحمل اعباء اعمال الامتحانات الشاقة ، ونظير حصولهم على بعض المال بدون اى عمل فضلا عن زيادة اشتراكهم فى نسبة المتغير فى مرتباتهم مما يعمل على رفع وزيادة معاشاتهم عند الاحالة على المعاش ، وتسمى استمارات هؤلاء السادة بالاستمارات ( ش ) ونظرا للنظم المالية الفاسدة فان السادة رؤساء اللجان الادارية ولجان النظام والمراقبة يحققون من وراء ذلك الملايين فى كل دورة من اعمال الامتحانات ، والتى يقومون بالتالى بتوزيع جزء منها لكبار المسئوليين بالمخالفة لكل القوانين والاعراف , والكل يعلم ذلك فى الوزارة على كافة المستويات ولا احد يحاسب ، وفى الغالب يتم انتداب المراقب المالى للمديرية التعليمية لعمل التسويات المالية للجان نظير مكافآت مجزية ، علما بان المراقب المالى هو مندوب وزارة المالية فى المديرية التعليمية والذى وظيفته الاساسية الرقابة على سلامة صرف الاموال الاميرية ، ولايجوز انتدابه لمثل هذه الاعمال على الاطلاق ويعد عمله هذا مخالفا للقانون واللوائح الخاصة بوزارة المالية .

       اما عن العاملين المنتدبين لاعمال الامتحانات فيختاروا غالبا من صغار الموظفين وذوى المرتبات المنخفضة ، والذين يقومون باعمالهم واعمال الاخرين من اصحاب الاستمارات ( ش ) فى ظروف غاية فى الصعوبة والقهرودون ان يحصلوا على نفس عدد الايام التى تمنح لمن لايعملون وسجلت اسماؤهم فقط ، ولكن نظرا للحاجة وضعف المرتبات فالكل يقبل املا فى زيادة دخلة فى ظل حالة الفقر التى يعانيها صغار العاملين فى التربية والتعليم بل الكل يتقاتل للحصول على فرصة ولو دفع فى سبيل ذلك بعضا من المال لذوى النفوس الضعيفه من المسئولين ، بل ان كثيرا من العاملين يتصارعون من اجل الحصول على فرصة تزيد من دخولهم ، وفى هذا رد على من يصفون القوى العاملة المصرية بالكسل والترفع عن العمل ، بل ان اغلبهم لاينالون مايكفى من ساعات النوم فبجانب العمل الذهنى الخارق لضمان حصول كل طالب على حقه ، يقوم المعلمون بحمل اوراق الاجابه على اكتافهم وهم جميعاً من خريجى ارقى الجامعات ، واذا ما حدث خطأ مهما كان يسير فان التحقيق والخصم والحرمان من كافة اعمال الامتحانات فى المستقبل هو الجزاء المنتظر، اما الرؤساء فبالمال يستطيعون الافلات من العقاب بل ويكافاون ، رغم انهم باستبدادهم وجشعهم هم المسئولن عن الاخطاء نتيجة تحميل العاملين فوق ما يستطيعون مع ضيق الوقت المخصص لاعلان النتائج .

       طبعا اعمال الامتحانات تستقطع قدرا غير يسير من ميزانية التربية والتعليم فى صور مكافآت وخامات وكل هذه الاعمال ليست داخلة فى العمليات التعليمية بشكل حاد وضرورى ، فالتقويم التربوى والتى من اهم اشكاله الامتحانات له اساليب اخرى غير تلك الاجراءات التى اظن انها تلتهم مع الكتب والابنية التعليمية اغلب الميزانيات المخصصة للتعليم ، لان المتحانات العامة لاتتوقف على الشهادات العامة على مستوى الجمهورية ، ولكن جميع الامتحانات على مستوى الادارات التعليمية والمديريات لها نفس المخصص ولها نفس الترتيب ابتداءا من الصف الثالث الابتدائى والسادس الابتدائى والاعدادية العامه والمهنية والمكفوفين ، بل ان هذه الامتحانات تتضمن بالاضافة لذلك الفصل الدراسى الاول والثانى والدور الثانى بكل مايعنيه ذلك من نفقات يمكن ترشيدها اذا تم تطوير نظم وطرائق التقويم التربوى ، مع العلم كما سبق الاشارة ان اغلب الاموال المخصصه للامتحانات يتم نهبها بالصورة السابق بيانها ولكن هذه المرة بين مديرى المديريات ووكلاءها ومديرى العموم ووكلاء الادارات ومديروا الادارات ومن يماثلهم .

       اما الاخطر من كل ذلك فهى عمليات انتداب العاملين لملاحظة ومراقبة الامتحانات فى غير المحافظات التى يعملون بها ويعيشون فيها ، وهى ما تعرف فى التربية والتعليم بعمليات سير الامتحانات ، فهى فى الواقع عمليات اهدار غير رشيد للاموال المخصصة لاعمال الامتحانات ممثلة فى بدلات السفر والانتقالات والمكافآت ،وهى تمثل استنزاف غير مبرر للموارد المحدودة اصلاً وذلك لسببين رئيسيين : اولا ـ ان جميع التكاليف والبدلات التى يحصل عليها المنتدبون ضئيلة لدرجة ان المنتدب ينفق من ماله الخاص على المبيت والطعام والمصروفات الاخرى ، لان العائد قليل وغير متناسب مع المطلوب منهم انجازه ، فضلا عن رداءة الاستراحات التى تعد لهم وليس فيها من متطلبات الحياة ما يمكنهم من ذلك من البرادات والافران والمواقد ةالاسرة وما الى ذلك ، مما يفتح الباب للكثير منهم للتحايل بالرشوة المقنعة من الطلبة الممتحنين واسرهم ، وبذلك تصبح عمليات الامتحان مهزلة كبرى كما تعد عمليات الانتداب من خارج المحافظات التى بها لجان عمليات غير مجدية بالمرة ، كما ان اللوائح المالية المنظمة لبدلات السفر والاقامة قديمة وهزيلة ولاتتناسب فى قيمتها ابدا مع الاسعار السائدة ، وكل فساد فى العلاقات والقوانين يولد فساد فى الواقع ، ثانيا ان عملية الانتداب خارج المحافظات ليس لها فى الواقع اى ميزة عملية لانه اذا كان الهدف المعلن محاربة الغش فى الامتحانات ففى كل الاحوال لن يتم القضاء على الغش بهذه الطريقة بل العكس هو الذى اسفرت عنه التجربة خلال السنوات العشر الاخيرة ، فالشخص غير المؤتمن فى محافظته سيكون غير امين ايضا فى اى مكان يعمل ، فيه وليس هناك مبرر قوى لانتداب العملين خارج محافظاتهم الا فى اضيق الحدود وعند متطلبات الضرورة ، يضاف الى ذلك ان الموظف المنتدب يكون فى حالة عدم استقرار نفسى واجتماعى وقلق على اسرته التى قد يكون من بينها من هو فى حالة امتحان فى نفس الوقت فى اى مرحلة دراسية اخرى ، كما ان الندب بهذه الصورة هو عقوبة لامبررلها ، واهم من كل ذلك ان انتداب السيدات يمثل مشاكل نفسية واجتماعية لاحصر لها ، حيث يرفض كثير من ارباب الاسر سفر زوجاتهم ومبيتهن خارج المنزل ، واغلبهن امهات ومسئولات ولهن بالطبع ابناء لديهم امتحانات ويحتاجون الى رعاية ، وفى ذلك جعل الموظف فى وضع لن يتمكن من خلاله تحقيق الاهداف المرجوة من انتدابه ، بل وتؤدى فى كل الحوال الى التأثير السلبى على الروح المعنوية للعاملين وبما يؤدى فى احيان كثيرة الى تهرب كثير من العاملين من الانتدابات الخارجية ولو ادى الامر للاحالة للتحقيق ، وبالتالى توقيع العقوبات التى هى فى كل الاحوال اقل من الخسارة الناتجة عن الانتداب خاج المحافظة التى يعيش ويعمل بها .

       كل هذه مصادر لموارد مالية مهدرة وادارة غير رشيدة لتلك الاموال التى يجب ان توظف بصورة اكثر ايجابية لتحقيق تطوير حقيقى للعمليات التعليمية وللنظام التعليمى ككل ، وهى تمثل مليارات من الجنيهات المصرية و الدولة فى امس الحاجة اليها لتحقيق غايات اكثر اهمية من مجرد عمليات الامتحانات بشكلها الحالى والذى لايهدف الا لتبديد الموارد وزيادة دخول بعض الفئات على حساب العمليات التعليمية برمتها ، فضلا عن تشجيع روح الفساد المالى واللامباه الادارية لقطاع كبير من العناصر المتحصنة بمراكزها الوظيفية ، فى غيان المساءلة والحساب.

       يضاف الى كل ما سبق تضخم البناء التنظيمى لوزارة التربية والتعليم بصورة لاتتناسب مع الحاجات الضرورية للتنظيم الادارى من ناحية ، وللمتطلبات التربوية من ناحية اخرى ، وبدرجة تعمل على امتصاص كل امكانانت النجاح المستهدف فى العمليات التعليمية والتربوية ، فبجانب ضرورة توفير المناخ والبيئة الامنة للعاملين التربويين والطلاب وبما يحقق الاهداف التربوية وتحسين مناخ الدراسة والبيئة التعليمية ، نجد ان هذا النمو السرطانى لادارات واقسام متكررة وليس لها اهداف وخطط عمل محددة تصب فى صالح العملية التعليمية ، حيث نجد ان هذه البناءات التنظيمية تمثل عائقا امام فرص النمو والتحسين والتطوير التربوى المستهدف ، وتستهلك قدرا غير يسير من الموارد المالية والبشرية وتتطلب القيام بمهام غير ضرورية وهى بلا شك تمثل عبئا على العاملين التربويين والطلاب والادارة المدرسية ، مع العلم ان كل قسم ادارى من اقسام الادارة التربوية على مستوى الادارة التعليمية ويراسه مدير مرحلة له نظير على مستوى المديرية ويراسه مدير ادارة وعلى مستوى الوزارة لها ادارة عامه يراسها مدير عام ورئيس ادارة مركزية يراسها وكيل وزارة وقد يكون له مستوى ادارى اعلى ممثل فى قطاع يراسه وكيل اول وزارة ، بكل مايعنيه ذلك من وجوب نظام للادارة البيروقراطية من وكلاء اقسام ورؤساء اقسام ومديرى مراحل واداريين عاديين ( كتبه ومحاسبين وشئون عاملين ومحفوظات وعمال خدمه معاونه ) وميزانيات ومخصصات ، اذا علم ان الجمهورية بها اكثر من ثلاثمائة ادارة تعليمية محلية يراسها مدير عام تربية وتعليم وعددمن وكلاء الادارات وميزانيات ومكافآت ومهمات وادوات كتابية وتجهيزات وخلافه ، كما يوجد بكل مديرية تعليمية ( قطاع التعليم بالمحافظة ) وكيل اول وزارة ووكيل وزارة وعدد من مديرى العموم خلاف الادارات التعليمية الجغرافية مثل التعليم العام والفنى والخدمات التربوية والشئون المالية والادارية ...الخ غير الادارات المتخصصة والتى ليس لاغلبها دور فى العملية التعليمية الحقيقية ، ولكن نظرا لوجودها ضمن الخريطة التنظيمية للبناء الادارى فلابد ان تخلق تلك الادارات اعمال ومهام تبرر بقاءها مما يزيد الامور الادارية والفنية تعقيدا ويجعل المعلمين والقادة التربويين الميدانيين خاضعين الى اكثرمن رئيس وبالتالى الى اكثر من مصدر من مصادر الاوامر بالمخلفة للقواعد الاساسية للادارة والتى تنص على وحدة الاوامر وان كل مستوى ادارى له رئيس واحد ، كما ان زيادة هذه الادارات يزيد من الاختصاصات والمهام الادارية والروتينية للعاملين على حساب العمل الفنى الاساسى وهو العمليات التعليمية والادارة التربوية ، وليست البيروقراطية .

        وعلى هذا الاساس فلكى يحدث تطوير للنظام التعليمى فى مصر يجب اعادة هيكلة الادارات والاقسام الفنية وفق حاجة العمل الحقيقية ، والغاء الادارات والاقسام غير ذات الطبيعة التربوية او التى يتطلبها العمل التربوى او التى من صميم مهامها تحسين بيئة العمل التربوى ، واعادة تاهيل العاملين بها للعودة للعمل التربوى ( التدريس ) مرة اخرى ، وذلك لسد العجز فى التخصصات التربوية وفق المواد الراسية من ناحية ، ولتقليل اعداد العامليين الاداريين والتى لاتتطلب الحاجة الحالية وجودهم ولتوفير النفقات الادارية والمالية وتوجيهها لصالح العملية التعليمية من ناحية اخرى ، لانه من الجلى ان تلك الاعداد من الفنيين والاداريين تستهلك قدرا كبيرا من الميزانيات التى يجب ان توجه لصالح العمليات التربوية وتطوير المناههج والمقررات ، وخلق فرص التدريب الجاد لتطوير امكانات وقدرات المعلمين والموجهين التربويين ، كما ان كل تلك المستويات الادارية هى اكبر بكثير من حاجات العمل بل ويمثل وجودها اعاقة فى سبيل حسن توجيه العمل التربوى اليومى .

        اما عن الجهاز الادارى والكتابى والمحاسبى ، فان هذا الجانب يمثل استنزاف متعمد للطاقات والجهود حيث لاتتم الاستفادة المرجوة من تلك القوى ، بسبب زيادة الاعداد عما تقتضيه العمليات التعليمية ، فضلا عن تكدس الادارات التعليمية بطاقات شبه عاطله مما يعوق انجاز العمليات الادارية اليومية بسبب تضارب المصالح داخل الاقسام ومما يسبب مزيدا من التعقيد الادارى ، وهذا القطاع فى حاجة ماسة لاعادة الدراسة والهيكلة ، واعادة التدريب لتحسين الخبرات واكساب خبرات جديدة يمكن الاستفادة منها فى اماكن اخرى داخل الادارات والمدارس والتوجيهات الفنية ، فلابد من رفع كفاءة الافراد الاداريين ، مع عدم التوسع فى التوظيف فى قطاع التعليم لهذه النوعية من العامليين الاوفق الحاجات الضرورية للادارات والاقسام .

       لابد من اعادة النظر فى الميزانيات والمخصصات واللوائح المالية داخل الادارات التعليمية والمديريات ، حيث توجد المزيد من الاموال التى لاتوجه لتحسين عمليات التعليم وبيئات التعلم ، ولكن توظف هذه الاموال بكثافة فى صورة حوافز ومكافآت ضخمة للقيادات التعليمية داخل اسوار الادارة وكذا لبعض العناصر المسئولة فى الجهاز المالى ، وبمباركة المراقبين الماليين الذين بالتالى يحصلون على كثير من المزايا المالية بشكل غير رسمى حيث يمنع القانون ذلك بشكل مباشر ، اى انهم هم المنظمون والحامون لعمليات التحايل الماليه على تحويل كثير من الاموال المخصصة للعمليات التعليمية الى ابواب انفاق اخرى بالمخالفة للقانون ، او على الاقل بالتلاعب باللوائح المالية غير المحكمة والتى يتم التلاعب بها وفق مصلحة اولى الامر بالادارات التعليمية والمديريات ، فى الوقت الذى لاتوجه اى من هذه المكافآت المزعومة للعاملين التربويين الاحق بهذه المزايا ، والتى لايستفيد بها الا الاداريون والمدراء وبعض المسئولين فى الاجهزة المالية ، كما نوجه النظر الى دور ومهام ووظائف المراقبين الماليين المنتدبين من وزارة المالية لضمان الرقابة على الصرف ، حيث يعمل الكثيرون منهم على اساس مخالف حيث ان كثيرا من عمليات المخالفة المالية تتم بمعرفتهم نظير حصة من المكافآت والحوافز والتى تدفع لهم بصورة غير رسمية ، والا وضعوا العراقيل التى تعطل العمل وكله بالقانون فهذه الفئة فى حاجة الى مزيد من الرقابة من قبل وزارة المالية والجهات الرقابية الاخرى ، وذلك للحفاظ على المال العام من النهب والتلاعب .

       وزارة التربية والتعليم من الوزارات التى يجب على المسئولين المخلصين فيها دراسة ميزانيتها بدقة مع رئيس الادارة المركزية للشئون المالية والادارية ، ومسئولى الميزانية للتعرف على عناصر الميزانية ، ومجالات الصرف ومراجعة اوجه الصرف المختلفة وحبذا لو استعان الوزير المسئول بمحاسبين قانونيين محترفين وحسنى السمعة ، لتوفير قدر غير طبيعى من الميزانيات المتاحة سواء كانت من المخصصات التى تتيحها وزارة المالية ، او مما يدخل الوزارة فى صورة رسوم ودمغات وغرامات وخلافة من بعض الخدمات التى يؤدى الحاصل عليها بعض الرسوم ، وكذا مراقبة مقدار مايصرف من مكافأت وحوافز اضافية ومدى قانونية صرفها ومن هى الجهات التى لها حق الصرف ولماذا؟ ووضع الضوابط الكفيلة بتنظيم هذا الامر ولو تطلب الامر اجراء بعض التنقلات الضرورية التى تحقق صالح العمل وتؤدى الى تحقيق العدالة بين العاملين وتحفظ للدولة الاموال المهدرة والمنهوبه ، وضمان تعظيم الاستفادة من تلك الميزانيات فى التطوير الحقيقى للنظام التعليمى والعمليات التعليمية .

       بقى امر هام جدا وهو المتعلق بالبرامج الممولة من الوكالات الدولية والاتحاد الاوربى لاصلاح التعليم فى مصر ، فهى جهات ليس عليها اى نوع من انواع الرقابة المالية والفنية فى الداخل او من قبل الوزارة المسئولة وهى وزارة التربية والتعليم ، هذا من ناحية ومن ناحية اخرى تقوم هذه البرامج بالعمل منفصلة تماما عن الخطة العامة للوزارة وبدون تنسيق واضح ومحدد لا مع الوزارة او البرامج الاخرى ، بحيث تصبح هذه البرامج والمشاريع رغم استقلالها جزء من منظومة عامة يتم من خلالها تنظيم الجهود وتوجيهها لتحقيق اهداف محددة ومتفق عليها ،لا ان تعمل كل هيئة ومشرع بعيدة عن الاخرين بل وبعيدة عن الاتجاه العام لوزارة التعليم ، وذلك فى سبيل تحقيق التطوير وفق اطر عامة ومحددة وخطط ومشاريع جادة ومجمعة وذلك لتلافى بعثرة الجهود ، وتعظيم الاستفادة من المنح والقروض الذى ينفق اغلبها على مسائل شكلية ومكافآت واجتماعات فى ارقى الفنادق ، وليس لها اى مردود ايجابى واضح على عمليات التطوير التى يتوخاها المجتمع المصرى بشكل عام ووزارة التربية والتعليم المسئول الدستورى عن التعليم فى مصر والمسئولة عن اتاحته باقصى درجات الجودة وبالمجان لجميع ابناء الوطن ، ولايجب على الوزارة ممثلة فى شخص الوزير التنازل عن دور المنسق والموجه للجهود والادوار المبعثرة ، وعدم الاعتماد فى ذلك على الموظفين الرسميين الفاقدين للرؤية ، والاهتمام الجاد وعدم الاكتفاء بالدور الوظيفى المحدود , حيث أن الخطأ الاساسى كان فى غياب المعايير العلمية والعملية عند اختيار القيادات المفترض فيها القدرة على قيادة عمليات التغيير والتطوير من خلال توافر مناهج مبتكرة ورؤى واضحة ومنفتحة مع توافر الحد الادنى للفكر والتخصص التربوى الواقعى والحقيقى ، لان من اهم اسباب تخلف النظام التعليمى وضعفة غياب القيادات التربوية المؤهلة والمؤمنة بحتمية التطوير وفق اسس علمية .

           د. عوض مصطفى محمد مطواح / الاسكندرية





































الاثنين، 23 مايو 2011

مصر والمجلس العسكرى الحاكم


المصريون والمجلس العسكرى
        المجلس العسكرى الذى تعهد فى اول ايام الثورة بمشروعية طلبات الثوار , وتقدم للشعب بعدد من البيانات التى تؤكد ان المجلس لم ولن يتصدى للثوار لاقتناعه بمشروعية ما يطلبون , هو نفسه الذى فاجا الجميع بمجموعة من القرارات الفردية من جانبه فقط دون النظر لرغبات وتطلعات الثوار والذين هم فى الواقع جماهير الشعب المصرى على اختلافها وتنوعها, ولم تكن تلك القرارات ابدا وفى جميع مراحلها معبرة عن الحالة الثورية , واتسم اداءه بالبطء الشديد , ومارس الحكم بنفس منطق وصلاحيات النظام القديم , وكثير من الطلبات لم تكن تتحقق الا بالضغط الشعبى والاضرابات والاحتجاجات , وكثير مما كان يتطلع اليه الثوار لم يتحقق , فلا المجلس شكل لجنة لصياغة دستور جديد تتم على اساسه عمليات مباشرة الحقوق السياسية من اختيار رئيس جديد على اسس ومعايير جديدة تلبى متطلبات الديمقراطية البرلمانية , وكذلك انتخاب مجلس تشريعى معبر عن الارادة الشعبية , ولم تتم عمليات المحاكمة لرؤوس الفساد الا بعد مظاهرات مليونية حاشدة شهدت الكثير من الشد والجذب بين الشعب والمجلس , تم اصدار بيان دستورى بعد استفتاء على تعديل بعض مواد الدستور القديم بالموافقة على التعديل وكان الاولى الاستفتاء على جملة بنود الاعلان الدستورى والا ماقيمة الاستفتاء , فضلا عن نقل جميع صلاحيات الرئيس فى الدستور القديم الى المجلس العسكرى , ثم صدر قانون احزاب معيب ومخيب للامال حيث لم ينص فيه على عدم قيام الاحزاب على اسس دينية دون الرجوع او مناقشة الراى العام , ثم قانون مباشرة الحقوق السياسية ايضا فى غيبة الراى العام ومتطلباتة , ثم كان قرار تعيين المحافظين بنفس اسلوب النظام السابق باختيار افراد لايحققون الحد الادنى للرضا الشعبى واغلبهم من ضباط الشرطة المتورطين فى قتل وتعذيب المواطنين , وعندما احتج اهل قنا لم تكن هناك مبادرة سريعة للحل تحت شعار هيبة الدولة وهو شعار مضلل وغير حقيقى لان الثورة ما قامت الا من اجل رفض هذا النمط من السلوك المتصادم مع حاجات الجماهير , ونفس المنطق فيما يتعلق بالقيادات الجامعية الفاسدة بحجة سيادة القانون , اى قانون والدستور برمته قد سقط وقد تم التعامل مع الطلبه بكل قسوة وتشدد , ورغم ذلك فان اصرار الجماهير يؤدى فى كل مرة الى تصادم بين الجماهير والمجلس , ورغم اعتراف المجلس بان فلول الحزب الوطنى المنحل تنخر فى استقرار البلد مثل السوس الا انه حتى الان لم يقم بحل الجالس الشعبية المحليةوالتى تتكون فى غالبيتها الكبرى من هذه الفلول الفاسدة , وهى مجالس ليس لها الان اى صلاحيات فى ظل الظروف الراهنه , كما ان قضية الانضباط الامنى لم تتحقق حتى الان نتيجة التخاذل فى محاكمة القيادات الشرطية التى تسببت فى الفرار الامنى وتهريب المساجين وقتل المتظاهرين وهى جرائم كانت تتطلب السرعة فى اجراءات المحاكمة امام محاكم عسكرية نظرا لان جهاز الشرطة بوضعه الحالى هو تنظيم شبه عسكرى ويحمل ضباطه نفس رتب القوات المسلحة , فضلا عن اعادة هيكلة جهاز الشرطة وتغييرة اذا تطلب الامر فمالم يتم انجازه الان لن ينجز قط , كما ان الحوار الوطنى لايعبر عن نيه فى احترام مايتوصل اليه من توصيات , حيث يجرى الحوار فى جانب وتصدر القرارات والمراسيم منفردة من المجلس الغسكرى وحة واغلب تلك المراسيم قاصرة ومحدودة وغير معبرة عما يجب ان تكون عليه الامور , فضلا عن كثافة اشراك قيادات الحزب الوطنى المنحل ممن اسهموا فى فساد الحياة السياسية قبل الثورة واغلبهم من اعمدة تزوير الانتخابات فى جلسات الحوار الوطنى الذى تحول الى مكلمة لن تحقق الهدف منه حيث ان المجلس العسكرى لايستمع الى اراء وتوجهات احد من القوى الشعبية المتطلعة الى التغيير, ميل المجلس فى الحقيقة الى التيارات الاسلامية سواء المتشدده منها او ذات اتجاه الاسلام السياسى بل ان المجلس العسكرى من البداية منحها اكبر من حجمها بكثير , وكذلك معالجة احداث الفتنه الطائفية بشكل سىء ومغلوط فلم تتم محاكمة او محاسبة اى متورط خاصة من جماعات الاسلام السياسى والسلفيين اى تغييب القانون وبما يترتب عليه من انتشار الفوضى وسيادة البلطجة , كما خرج علينا المجلس العسكرى بحملة ترويع وتخويف من ضعف وانهيار الاقتصاد المصرى وافلاسه وعزو ذلك الانهيار والضعف للثورة والاضرابات المطالبة بالحق والحرية وهى دعوباطلة فى معناها ومبناها , لان الضعف كما يعلم الجميع سببه سياسات النهب والسرقة فى النظام السابق وعجز وضعف الوزارة الحالية عن التعامل بجدية واحترافية لمعالجة المشكلات القائمة , وهو امر يمكن القيام به بنجاح اذا تنحت هذه الحكومة الهزيله والمشلولة بفعل تدخل المجلس العسكرى فى شئون الوزارة وتقييد حريتها فى العمل والاختيار, فضلا عن عدم اصدار القوانين المناسبة فى الوقت المناسب , وكذلك اصدار بالون اختبار حول العفو عن الرئيس المخلوع لمعالجة المشكلات الاقتصادية القائمة والتى لن تحل الا بالعفو عنه , مما تسبب فى مزيد من الاحتقان والغضب الشعبى الذى مازالت دماء ابناءة لم تجف بعد من جراء الاستخدام المفرط للقوة من قبل قيادات وراس النظام المنحل , ومازال المجلس مصرا على اجراء الانتخابات البرلمانية والرئسية قبل اصدار دستور جديد ينشا فى ظل برلمان معلوم سلفا طبيعة القوى السياسية الممثلة فيه والتى اغلبها من قوى الاسلام السياسى .
  د. عوض مطواح  الاسكندرية مايو 2011

الأحد، 22 مايو 2011

فى العملية الانتخابية


ملاحظات حول ادارة الانتخابات والاستفتاءات
.
كما كان يتم التواطؤ مع مرشحى السلطة بتزويدهم ببطاقات ألإنتخاب بعيدا عن أعين أصحابها ألأصليين لكى يعبثوا بها فى عمليات تزوير متعمد من خلال عصابات تتولى عمليات الإقتراع بأشخاص مأجورين يدورون على اللجان ببطاقات إنتخابية لاتنتمى لأى منهم حيث لايتطلب ألامر أن تتم عمليات ألإقتراع ببطاقات الهوية الشخصية للمقترعين ، علاوة على عدم تصفية الجداول من الموتى والمهاجرين والصادر ضدهم احكام بالحرمان من مباشرة الحقوق السياسية لأسباب جنائية ، فى الوقت الذى يمارس فيه الضغط على الراغبين فى القيد بالجداول فى المواعيد الرسمية من غير أعضاء الحزب المسيطر وعدم تمكينهم من القيد إلاعن طريق إجراءات معقدة وشبه مستحيله مما كان يسبب فى كثير من ألأحوال إحجام الكثيرين عن إستخراج تلك البطاقات .
.
كما يجب ان تتسم اعمال هذه اللجنة بالشفافية والوضوح والعلنية والحيدة التى تمكن المراقبين والناخبين من التعرف على سلامة وصحة الاجراءات , وبما يضمن حياد جهات الاشراف والموظفين العموميين المكلفين بتسيير العمليلت الانتخابية , وكذلك توفير الضمانات العلنية الكافية والمتعلقة بطباعة وتظريف استمارات ابداء الرأى او الاستفتاء سواء كانت تتعلق بالاستفتاءات او الانتخابات الرئاسية او التشريعية او غيرها مما يستجد من عمليات اقتراع سواء للمحافظين او اعضاء اللجان الشعبية المحلية او اية انتخابات عامة فى اى قطاع او وظيفة من وظائف الدولة فى ظل مجتمع ديمقراطى يضمن مشاركة جميع المواطنين فى اختيار من يرونهم اولى بتمثيلهم او قبول التكليفات الشعبية بالنزاهه والكفاءه المطلوبة بما يضمن طباعة الاعداد الصحيحة وفق اعداد الناخبين الحقيقيين فى كل دائرة من الدوائر الانتخابية مع اضافة 10% فقط لمواجهه اى مواقف محتملة وان يتم تظريف تلك البطاقات بمحاضر ولجان وفق اعداد الناخبين بحيث لاتترك اى فرصة للتلاعب او الشك فى سلامة العمليات الاجرائية وبما يمنع سوء استخدام تلك البطاقات وتسربها كما كان يحدث فى السابق وكذلك تغليظ العقوبة الجنائية فى حالة المخالفة وتسرب بطاقات ابداء الراى بعيدا عن سلطات الاشراف والرقابة الشعبية والدولية مع الالتزام بمبدا الشفافية والعلانية فى جميع مراحل العمليات الانتخابية منذ فتح ابواب الترشح وفق قواعد محدده وميسرة ومقبولة من الكافة وبما يضمن ازالة كافة العراقيل الادارية والتى تقف حجر عثرة فى سبيل سلامة العمليات والاجراءات والتى من شانها توجيه عمليات الانتخاب الى غير هدفها فى انشاء حياة ديمقراطية حقيقية وحرة ونزيهه , وحتى اعلان النتائج بصورة علنية تضمن الرقابة والافصاح وبما يكسب تلك العمليات الثقة فى المستقبل وسيادة القانون .
ويجب فى هذا الخصوص الاهتمام باعداد وتنقية جداول الناخبين وفق مناطق سكنهم بما يضمن عدم قيد المواطن فى اكثر من دائرة انتخابية , وبما يضمن استبعاد اسماء الموتى من تلك الكشوف من واقع قاعدة بيانات الرقم القومى , بحيث تتم الاضافة والحذف اليا وفق برامج متطورة للحواسب الالية وقاعد بيانات منضبطة , كما يجب ان يتعرف كل ناخب على لجنته الانتخابية قبل مواعيد الاستفتاء بوقت كاف , وحبذا لو يتم تثبيت هذه اللجان بحيث تجرى العمليات الانتخابية بسلاسة ويسر , وبما يعمل على تشجيع المواطنين على مباشرة حقوقهم السياسية والمشاركة الايجابية فيما يحقق البناء والنمو الديمقراطى المنشود .
ويجب فى هذا الخصوص تحديد دور الامن بدقة بحيث لايشمل الاحفظ الامن من خارج اللجان , وكذلك القضاء على بلطجية الانتخابات ومراقبة عمليات الرشوة الانتخابية التى درج عليها رموز واتباع النظام السابق , وهو دور مطلوب وايجابى يضمن حياد الشرطة وعدم تدخلها فى العملية الانتخابية ذاتها , وبما يكرس ويعمق مفاهيم المواطنة والمشاركه الشعبية فى مباشرة الحقوق السياسية .

د. عوض مطواح   الاسكندرية  مايو 2011