الجمعة، 29 أبريل 2011

قصاقيص 10

ارهاصات الثــــــــــورة



لقد كانت الثورة الشبابية والشعبية الواعية والتى إستطاعت بوعى كامل وإدراك شامل لإستيعاب كل التجارب ألإنسانية السابقة ، وكذلك إستحضار وإستلهام للتراث الثورى والتاريخى الكونى والعربى والمحلى ، وبلورته فى أهداف محددة ومركزة وواضحة ومشروعة ، مع إعتماد لإستراتيجية ثورية ملهمة ، اساسها الوعى الكامل بأدوات ومعطيات ووسائل العصر بكل مايحتويه من عناصر التقدم والتطور والحضارة الثقافية والتكنولوجية والمعرفية والمعلوماتية المعاصرة ، بل والروحية ممثلة فى المخزون الحضارى والثقافى القومى ، لحضارة أمة من اقدم وأعرق واشمل حضارات ألأرض قاطبة  ، وماتضمنه ذلك من سمو خلقى ورقى سلوكى ، ومقدرة فائقة على التكيف والإستجابة لكافة المستجدات وألأحوال وألأحداث دون تصادم أو صراع ( ألإستجابة الناعمة ) بما لا يعارض الاهداف الاساسية ، كل ذلك هو ما أدى الى سرعة ألإستجابة الشعبية العارمة للمشاركة وألإلتحام الفورى ومنذ اليوم ألأول للثورة ، بل والتكاتف والتعاون والإنصهار فى بوتقة الثورة والصمود الواعى رغم كل محاولات القهر والقتل والإرهاب المادى والمعنوى وإستنزاف قوى وطاقات الثوار بهمجية راكبى الخيول والجمال والحمير ( من مؤيدى النظام المتخلف ) ومستخدمى المولوتوف والسيوف والسنج والواهمون من أعمدة النظام الذى فقد أنسانيتة قبل أن يفقد وجوده بل وشرعيته وانحاز للتخلف والغباء والبلطجة ، لمحاولة القضاء على الرقى والحضارة والتقدم والحتمية التطورية ، وكان هذا هو الوقود الذى اشعل الثورة ، وعمل على إتساعها و إمتدادها وشمولها لكافة أجناس واعمارو جماعات و طبقات وفئات وطوائف ألأمة فى جميع أنحاء مصر بلا إستثناء ، وعمل على إذكاء روح المقاومة وألنضال وإنتزاع الشرعية الشعبية من أيدى قاهريه وناهبيه وقامعيه من لصوص النظام ذوى التاريخ الطويل والحافل بالمخالفات والسوابق الإجرامية .
 لقد كانت أحداث كنيسة القديسين بألأسكندرية ليلة رأس السنة الميلادية 2011 والتى اتسمت بالشناعة والفظاعة والوحشية والقسوة والخسة هى أول إرهاصات الثورة الشبابية الشعبية المباركة ، حيث أيقظت الوعى لدى جميع قطاعات ألشعب المصرى ، وزادت من آلامة الدفينة ، وخاصة عندما فشلت ألأجهزة ألأمنية المتوحشة فى سرعة الوصول للجناة الحقيقيين لهذه ألمذبحة التى لاقت إستنكاراً دولياً وإقليمياً ، فضلاً عن المعالجة ألإعلامية المتخلفه والتى لم تتناول الحدث إلابعد ثلاث ساعات على حدوثه ، وبعد أن تم العبث بمكونات مسرح الحدث بالتشويه والتغيير بمايستحيل معه الرصد والتحليل السليم للحدث ودراسة وبحث الكيفية وألأسباب والمتسببين ، إضافة  للتأخير المتعمد فى البدء بإجراءات التحليل المعملى والجنائى ، وقصور وضعف اجراءات ألإستدلال والتتبع ، حيث هب الشعب بقوة للتعبير عن غضبه ورفضه القاطع لما أصاب جزء عزيز من ابنائه فى ليلة عيد وفى بيت من بيوت الله ذهبوا إليه طائعين عابدين داعيين وراجين عام جديد أكثر امناً وإستقراراً فى وطن يسوده ألأمن والسلام ، كما كان لهذا ألحدث ألأليم أثر فى تعبير الشعب ليس فقط عن وحدته ووطنيته وأن المصاب هو مصاب ألوطن وليس مصاب بعضاً من أبنائه ، ولكن إجهاض ألأهداف ألخبيثة من وراء هذا ألفعل ألإجرامى ضد الوطن والمواطنين ، كما تجلى ألإحساس الشعبى الواعى بأن هناك من يعبث بإستقراره وأمنه ووحدته ، فهذا شعب قديم قد إستطاع عبر تايخه ألطويل أن يتغلب على كثير من ألأحداث الجسام ، والمواقف الصعبة وأن يجتاز المحن من خلال وحدة هذا ألشعب وتماسكه ، ووحدة نضاله ضد جميع اعداءه ومستعمريه ، وكان لوعى هذا ألشعب القدرة على إفساد تآمر الموتآمرين وإفشال مخططاتهم .

  د. مطواح فبراير 2011

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق