هل كان مايحكم مصر خلال الاربعة عقود الاخيرة نظام بالفعل؟!!
لقد استطاع النظام البائد عبر اكثر من اربعين سنة من إحتكار العمل السياسى والاهلى مقصياً بذلك جميع القوى الشعبية والسياسية الاخرى ، وقد ادى ذلك الى تجفيف جميع المنابع السياسية والاجتماعية ، وجعل ذلك مقصوراً فقط على المنتمين له وحده من خلال الحزب الوحيد ، والذى سخر كل امكانات ومقومات وميزانيات الدولة له وحده ، وحرمان كافة الاحزاب والجمعيات والكيانات الاخرى من جميع صور الدعم المادى والمعنوى ، بل واقام من حزبه موجها ورقيباًً على اعمال وانشطة تلك المنظمات ، فلم تعد فى المجتمع كيانات منضبطة ومنظمة غير مؤسسة الجيش فقط وذلك لكونها مؤسسة غير مدنية بطبيعتها ، وعندما حدث السقوط السريع للنظام القديم ، سقطت معه جميع أبنيته ومؤسساته بما فى ذلك المؤسسة الامنية ، بما احدث فراغاً رهيبا فى ابنية الدولة وكاد أن يوقع الدولة فى حالة فوضى عارمة ومخيفة لولا يقظة هذا الشعب الرائع ، ولولا الدور الوطنى المعروف لمؤسسة الجيش فى حماية الامن الخارجى للوطن وصيانة حدوده واراضيه والدفاع عنه ضد جميع القوى الخارجية المتربصة به ، فلم يكن هناك من بد أن يوكل لهذه المؤسسة الوطنيه حماية الامن الداخلى للوطن بجانب اعبائها الاخرى ولو بشكل مؤقت ، حتى يتمكن المجتمع من إعادة بناء مؤسساته السياسية والدستورية بشكل جديد وعلى اسس وقواعد جديدة تتفق ومتطلبات الثورة الشعبية الواعية ، وقد يكون بقاء الجيش فى الشارع امراً غير مقبول فى الظروف العادية والطبيعية ، ولكن الضرورة الملحة تفرض أن تظل قوات الجيش متواجدة لوقت اطول من المتوقع ، نظراً للتحديات المستجدة والفراغ ألأمنى وضغط الحالة الثورية على الحدود الغربية والناتجه عن الثورة الشعبية المظفرة فى دولة ليبيا ألشقيقة ، كما انه من المعلوم ان الجيش هو الذى تولى حماية الثورة عندما اعلن إعترافه وإقرارة بأهدافها النبيلة ، كما كان نقل مسئولية الرئيس السابق للقوات المسلحة من خلال المجلس ألأعلى كما جاء فى بيان تنحى الرئيس السابق موضع ترحيب وقبول من جموع الثوار، وبهذا القبول من الجميع فقد سقط الدستور حيث أن هذا ألإجراء من الرئيس لم ينص عليه فى هذا الدستور ، هذا من ناحية وكان قبول جموع الثائرين لهذا الوضع هو ألإقرار بشرعية الثورة ، وسيادة الشرعية الثورية والمعبرة عن ارادة الشعب صاحب السلطة والشرعية الحقيقية ، وفى هذا السياق فإن ألإجراءات التى تتم نحو تعديل الدستورهى إجراءات غير دستورية بالمرة لأن الدستور قد سقط بالفعل منذ أن سلم الرئيس السابق المسئولية للمجلس ألأعلى للقوات المسلحة ، وأن إعلان بيان المجلس ألأعلى للقوات المسلحة المصرية هو بمثابة إعلان دستورى وفق القواعد العامة ، والمطلوب هو إصدار مجموعة من القوانين المؤقتة فيما يتعلق بحرية تكوين ألأحزاب والجمعيات والنقابات على أسس غير دينية ، وقوانين منظمة لمباشرة الحقوق السياسية ، وإنتخاب لجنة تأسيسية لوضع دستور جديد خلال فترة ثلاثة أشهر على ألأكثر ، يتم بعدها ألإستفتاء عليه وإقراره ويتم بمقتضاه إجراء ألإنتخابات التشريعية والرئاسية ، وإنتخابات الحكم المحلى للمحافظين ورؤساء ألأحياء والمدن والعمد ، والمجالس الشعبية المحلية ، ولايتطلب الوضع الراهن وجود مايسمى بمجلس الشورى حيث اثبتت التجربة العملية عبراكثر من ثلاثين عاماً عدم الحاجة إليه فضلاً عن عدم أهميته من الناحيتين التشريعية والرقابية على أعمال ألجهاز التنفيذى علاوة على مايتكلفة وجود مثل هذا المجلس من أموال طائلة فى ضوء الظروف المالية الصعبة التى يعانى منها ألمجتمع المصرى فى الوت الراهن .
د. مطــــــواح ابريل 2011
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق