الأربعاء، 27 أبريل 2011

نظرات فى ثورة 25 يناير المجيدة


نظرات فى ثورة 25 يناير المجيدة 


        منذ مايزيد عن اربعة عقود من الزمان ، والحكم الفردى ألأستبدادى مسيطر على مقدرات ألأمة المصرية والشعب المصرى ، بالقهر والقمع وألإستهانة ، بل والإحتقار فضلاًعن الإقصاء والإبعاد لكافة القوى الوطنية الشريفة من المشاركة فى الحكم ، إلا وفق المعطيات الإحتكارية التى يفرضها النظام القمعى والتسلطى ، والذى إستطاع خلال هذه الفترة الزمنية ان يقضى على كافة المكاسب الإجتماعية والإقتصادية والسياسية للغالبية العظمى من السكان ، والتى من بينها شركات القطاع العام الانتاجى والخدمى ، ومايتضمنة من كيانات اقتصادية وإنتاجية هائلة فى شتى المجالات الإقتصادية المختلفه سواء كانت صناعية أو زراعية او خدمية ، ومايعنيه ذلك من إتاحة فرص العمل لملايين الشباب والقوى القادرة على العمل والإنتاج ، فى ظل ضمان حد أدنى للأجور ، و تحديد عدد ساعات العمل ، والمشاركة فى الإدارة والأرباح ، إضافة للتأمين الصحى ، وحقوق العمل الاخرى ، كذلك حق التعليم والعلاج ، فضلا عن اتاحة السلع والخدمات بأسعار تتناسب مع مستويات الدخول للغالبية العظمى من ابناء الشعب .
       كما كان تنظيم العلاقة بين المالك والمستأجر فى الاراضى الزراعية بما يكفل ضمان زراعة الارض ـ حيث أن اغلب ملاك الاراضى الزراعية من سكان المدن والتى آلت لأغلبهم الملكية باميراث بعد ان وفرت لهم الامة التعليم العالى وفرص العمل ـ وزيادة الإنتاجية الزراعية مع تحسين خواص المنتجات الزراعية بتوفير البذور المنتقاه والمستلزمات الانتاجية وخدمات الارشاد الزراعى ، والالتزام بالدورة الزراعية الهادفة الى المحافظة على خصوبة الارض ، وزراعة ثلث الارض بمحاصيل الحبوب لتقليل الفجوة الغذائية وبالتالى عدم اللجوء للخارج لسد هذه الفجوة .


       وتحت شعار الاصلاح الاقتصادى توسع النظام فى تصفية وحدات القطاع العام الصناعى والزراعى والخدمى والتجارى والذى ضمن توفير اغلب الخدمات و السلع والمستلزمات المتميزة بأسعار عادلة للغالبية العظمى من ابناء الوطن ، مما اسفر عن تسريح أغلب العمالة الماهرة وارتفاع معدلات البطالة ، وإنعدام وندرة الكثير من السلع والخدمات الاساسية ، وإرتفاع اثمانها ، وزيادة الفجوة الغذائية واتساعها ، وزاد الامر سوءاً تحرير العلاقة بين المالك والمستأجرفى ألأراضى ألزراعية مما ترتب عليه تحويل مئات الآلاف من الافدنة الزراعية الى انشطة غير زراعية مثل المبانى والمنتجعات السياحية وغيرها فى الوقت الذى فشل فيه النظام فى خفض معدلات المواليد ، أوعلى الأقل تضمين هذا المتغير عند الإقدام على الاخذ بأى نظام إقتصادى فى وقت غاب فيه تماماً التخطيط ألإقتصادى رغم وجود وزارة تحمل هذا الاسم مما أسفر عن إزدياد معدل الفقر وارتفاع أعداد الفقراء والعاطلين والمهمشين سواء فى الريف أو فى الحضر .


      ثم بدأ النظام فى تنفيذ توصيات واجندات البنك الدولى وصندوق النقد الدولى وماتضمنه ذلك من إحداث تغيرات هيكلية للاقتصاد القومى ، وبما ادى الى ضعف الطاقات ألإنتاجية وإضمحلال القدرات ألإقتصادية وتخلفها ، والتى من المفترض ان تكون دعامة البناء الاقتصادى للدولة ،مما كان سبباً فى زيادة الفجوة بين الأغنياء والفقراء تنيجة سوء توزيع الدخل ، وإنتشار العشوائيات وتدهور المستويات المعيشية لاغلب السكان ، وغلبة ألأنشطة الخدمية على ألأنشطة ألإنتاجية مما مثل تشوهاً رهيباً للإقتصاد المصرى .


      كما كان لظهور طبقة جديدة من رجال ألأعمال المغامرين الهادفين الى الثراء السريع من خلال انشطة غير إنتاجية ومضاربات فى البورصة ، والحصول على توكيلات اجنبية لتوزيع ما تنتجة الشركات العالمية ، على حساب المنتج المحلى بإستخدام الآلة ألإعلانية الجبارة وليذهب ألإنتاج المحلى الى ألجحيم ، وليزداد التراكم الرأسمالى غير الإنتاجى وليزداد بالتالى الإستهلاك الترفى ألإستفزازى ، وهذا مافتح شهية النظام للإستفادة من نعم هذا ألثراء والمشاركة فيه وحمايته على حساب مصلحة المحكومين ، وزاد الطين بله أن اصبح المغامرون الجدد هم ألأعضاء المسيطرون على المجالس الشعبية والتشريعية ورؤساء لجانها للتمتع بالحماية البرلمانية من جهه وإمتلاك القدرة على إصدار التشريعات والقوانين الضرورية لحماية مصالحهم المتصادمة مع مصالح الأغلبية الساحقة من أبناء هذا ألشعب من جهه اخرى ، وتطور ألأمر بأن الحكومة اصبحت تتشكل من هؤلاء المغامرين المتربحين ويصبحوا بذلك هم اعمدة واداة النظام الذى يرعاة ويساندة الحكم الفردى ألأستبدادى المتسربل بدستور فاسد فيه من الصلاحيات والسلطات المطلقة الممنوحه للحاكم ما لم يتح للاباطرة والسلاطين فى اكثر العصور تخلفاً ورجعية ، وبما لايقابلة اى مساءلة او حساب شعبى او تشريعى .

       ولايستحى النظام الفاسد للحكم الفردى المستبد من الترويج لمفاهيم مغلوطة وكاذبة وغير دستورية وفق الدستور الذى يتسربلون بموادة ، وألإدعاء بشمولية النظام الحاكم من خلال ما إدعوة من وجود حزب حاكم ، تحت مسمى الحزب الوطنى الديمقراطى ، ففى الوقت الذى حدد فيه دستورهم أن نظام الحكم رئاسى ، للرئيس فية كل السلطات المطلقة بلا مسائلة أوحساب ، إدعوا أن الحكم للحزب رغم أن النظام السياسى غير برلمانى والبرلمان فيه بغير صلاحيات حقيقية ، ولرئيس الجمهورية حق حل البرلمان إذا طلب هذا البرلمان سحب الثقة من الحكومة ، فى الوقت الذى أختار فية الشعب البرلمان بينما إختار الرئيس الحكومة كجهاز معاون له وفق صلاحياته الدستورية المزعومة .

       لقد توحش ونما هذا الحزب المزعوم من خلال تزاوج غير شرعى بين المال والسياسة ، وسيطر على كل مقدرات الامة بالسيطرة على الحكومة والإعلام والأمن وكل مؤسسات الدولة بحيث اصبحت عضويته البوابه الملكية لكل طالب وظيفة او تولى مسؤلية تنفيذية كانت ام جامعية ، رسمية كانت اوشعبية ، بحيث اصبح الحزب هو الدولة ، وهوالذى يرسم ويحدد لها سياساتها وخطط عملها وبما يحقق مصلحة المنظومة العائلية الحاكمة ، فلم يعد الرئيس يحكم وحدة ، بل بكافة افراد اسرته وحاشيتة واصدقائه المقربين ، وعدد من الفنانين ولاعبى الكرة وأنصاف الموهوبين من الصحافيين عديمى المقدرة والفاشلين ، ليقوموا بدور الترويج والتهليل لسياسات الحزب والدفاع عن قياداته ، ومحاربة وتشويه سمعة معارضيه ومنتقديه ، وفى ألوقت الذى كان هذا ألحزب معبراً عند تكوينه عن تيار ألوسط المعتدل ، والذى كان من شعاراتة وأهدافه الإشتراكية والعدالة ألإجتماعيه وأكد زعيمة اكثر من مرة وفى اكثر من مناسبة أن ألحزب هو حزب الجماهير ، فإذا برئيسه يعلن أن سياسة الحزب هى مع الحرية المطلقة للسوق وأنه لارجعة عن ذلك الى ألأبد ، وبذلك فمن المعلوم أنه لم يعد حزب العدالة ألإجتماعية أو حزب الوسط كما كان ذلك هدفه عند انشائه منذ ما يزيد عن ثلاثين عام ، وبالتالى أصبح هو الحزب المعبر عن رجال ألأعمال وكبار المستثمرين ورجال المال ، والذين تصدروا قيادته ورئاسة لجانة واصبحوا هم فقط أعضاء هيئاته البرلمانية فى مجلسى الشعب والشورى ، كما أصبحوا هم وحدهم رؤساء لجانه البرلمانية والمسيطرون على تشريعاته ، والتى لم يعد أى من هذه التشريعات والقوانين يحقق صالح المواطنين ، بل فقط يعبر عن مصالح كبار الملاك والمستثمرين والمحتكرين لكافة المقومات ألإقتصادية للوطن ، وهى جميعها تشريعات معيبة ومخالفة للدستور ، فمن أين تأتى ألشعبية وألأغلبية المزعومة لهذا الحزب اليمينى المتطرف ، إلا أن يكون هؤلاء ألأعضاء مغيبون أو إنتهازيون ، لأنه من المفترض أن ألأغلبية ألحقيقيه هى من جماهير الشعب التى تتعارض مصالحها مع مصالح وإتجاهات هذا ألحزب وسياساته المتعالية على حاجات الناس الحقيقية فى المشاركة فى عوائد ألأنشطة ألأقتصادية بصورة تتضمن العدالة ألإجتماعية .

      ولكى يضمن النظام ألأمن لنفسه فقد ضم اليه كل الفاسدين ، لكى يتأكد من ولائهم بفضح سوءاتهم وجرائمهم عند محاولة الخروج عن الخط المرسوم لأى منهم ، كما عمل النظام على بناء اكبرتنظيم امنى وبوليسى فى الشرق الاوسط ، وزوده بكل وسائل القهر والتعذيب والقمع سواء كانت مادية أو معنوية ، وزوده ولأول مرة فى التاريخ المصرى الحديث بأعداد هائلة من القوى البشرية تتفوق باكثر من ثلاثة اضعاف اعداد افراد القوات المسلحة ، وسلح هذا النظام القمعى بأحدث المعدات والآلات ووسائل القمع والقهر والقتل والتعذيب ، كما اوهم افرادة بالسطوة والقوة والسيطرة والسيادة والإستعلاء على جميع ابناء الشعب من غير اعضاء جهاز السلطة الحاكم ، وزاد من السلطات غير الشرعية لهذا النظام بفرض العمل بقانون الطوارئ ، ومايتضمنه من اجراءات إستثنائية ، وجعله مسئولاً عن التصدى لجميع مشكلات المجتمع سواء فى المجال الامنى او السياسى او الاقتصادى ، وقد فشل هذا الجهاز فشلاً ذريعاً فى كل ما أوكل إليه من مهام ، فيما عدا قهر وقمع المواطنين من دافعى الضرائب ، فلم يستطع هذا الجهاز حل لغز اى جريمة شغلت الرأى العام طوال السنوات الماضية ، ولم يقدم مرتكبيها الحقيقيين للقضاء ، ومن قدم منهم للقضاء برىء لعدم كفاية وجدية التحريات ولعدم كفاية ألأدلة ، والامثلة على ذلك اكثر من أن تعد ، والجميع يذكر أحداث بنى مزار ونجع حمادى واحداث الازهر والفتنه الطائفية فى الاسكندرية وجريمتى كنيسة القديسين بالاسكندرية 2007 ،2011 وغيرها كثير .


        ولكن هذا الجهاز الامنى القمعى نجح بإقتدار فى تزوير الانتخابات سواء فى جميع المجالس النيابة والشعبية ، اوفى النقابات المهنية والعمالية ، اوالاستفتاءات والانتخابات الرئاسية ، بالاستعانة بالبلطجية وارباب السوابق والمسجلين خطر، والذين إتضح الآن انهم بالفعل ماليشيات الامن والحزب الوطنى الديمقراطى ، والذين إستخدمهم النظام مؤخراً فى إشاعة الفوضى والتخريب والخوف ، بعد أن فشل فى مواجهة و القضاء على الثورة الشعبية المباركة ، رغم الوحشية والخسة التى تعامل بها مع الثوار الشرفاء من خير من انجبتهم هذه الامة طوال تاريخها ، فضلاً عن الفرار الامنى المريب عن عمد وتخطيط مسبق ، وبمعرفة ومباركة القيادة السياسية المستبدة والملطخة ألأيدى بدماء الشهداء الاطهار واللذين لم ولن يفروا بجريمتهم القبيحه مهما حاولوا ، فلقد وقعوا فى مصيدة الجرائم المؤكدة ضد الانسانية بالمشاركة والصمت والتحريض ، والمحكمة الجنائية الدولية فى إنتظارهم .

       ولقد كانت قمة الاستهتار والعبث والغباء والعمى السياسى ادارة عملية الانتخابات النيابية الاخيرة ، والتى قام فيها الجهلاء الذين اعتادوا التزوير والتخريب من قيادات الحزب الوطنى المزعوم والمسيطر على مقدرات هذه الامة الصابرة ، بالاستعانة بجهاز الشرطة الرهيب واعوانة من مليشيات الخارجين على القانون والبلطجية وارباب السوابق الجنائية واللصوص ، وبعض رجال القانون الفاسدين والذين لايمثلون الا انفسهم لأن القضاء المصرى الشامخ باكثريته الوطنية الكاسحة والذين يمثلون فى الحقيقة الملاذ الآمن لجماهير الشعب المصرى العظيم ، فى تزوير ارادة الناخبين والمرشحين على حد سواء بالبلطجة والقهر والترويع ، وعدم إحترام الاحكام القضائية ، بإهدارها والالتفاف عليها كدأب هذا النظام الحاكم المتسم بالفساد ، وانتجوا مجلساًً مزوراً للشعب فاقد للمشروعية القانونية ، لايضم معارضة وطنية وفق إرادة الناخبين ، واخذ الجميع بما فيهم رئيس النظام الحاكم والتفاخر الكاذب بما حققوة من تلفيق وإفتراء وإدعاء بغير الحق انهم حققوا الاجماع لمجلسهم المزعوم وهو مايناقض الطبيعة البشرية والتى لم تحقق الاجماع حتى للرسل والانبياء فى اى يوم من الايام على مدى التاريخ البشرى قاطبة .
       د. مطــــــواح   مارس 2011

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق